زكريا أبو حرام
ضـد التيار .. سنة أولي برلمان
لن أتوقف كثيراً عند الأسباب الذي دعت مجلس النواب لرفض قانون الخدمة المدنية، فالمهم في هذه القضية المغزي والمعني، وهو مغزي ومعني لو تعلمون عظيم، والدروس المستفادة منه عظيمة ومتنوعة، البرلمان يرفض قانوناً للحكومة، والحكومة تتقبل الأمر، ولا تحدث أزمة، وهو أمر لم يحدث في برلمانات ما قبل الثورة، التي كانت تتميز بتمرير القوانين، مع ما بها من عوار دستوري، ومن المعاني المهمة التي كشف عنها رفض البرلمان لقانون الخدمة المدنية، أن هذا البرلمان، وبهذا الأداء، سيصبح له ِشأن عظيم بعكس كل التوقعات التي كانت تبشر بأنه برلمان سيثير الضحك، ومن قال إنه سيغني عن البرامج الكوميدية، نواب الشعب أثبتوا أنهم قادرون علي المواجهة وعلي التغيير، عازمين علي ألا يتكرر ما كان يحدث في برلمانات ما قبل الثورة، من تأخير في عقد الجلسات، ومقاعد خالية، عازمون علي أن تكون هناك روح جديدة، خاصة أن هذه الدورة هي الأولي في عمر برلمان معقودة عليه الآمال، والناخبون ينتظرون الكثير، والنواب بالروح الجديدة التي بدأوا بها مشوارهم البرلماني، يدركون أن ذلك سيساهم كثيراً في تلاحم وتلاقي الأفكار التي هي في النهاية لصالح الشعب، فالتواجد وإبداء الرأي وإثراء المناقشة، بكل تأكيد سيجعل الشعب يثق أكثر في نوابه، وهو يراهم متواجدين ويتحدثون ويعبرون عن آماله وطموحاته، ويبحثون ويشرعون القوانين التي هي في صالحه واثقاً من أنها قوانين لا يشوبها أي شيء ولن تضطر الحكومة بعد فترة لمناقشتها من جديد لتفادي عوار دستوري قد حدث، وأتمني من النواب أن يتم البحث عن آلية جديدة لإعادة الاستجواب إلي مكانته فقد شهدت البرلمانات الماضية غياب تأثيره وبريقه، آلية تعيد له أهميته وفاعليته لأنه من أهم الأدوات الرقابية لمجلس الشعب علي الحكومة، فهل يجد مجلس النواب الجديد هذه الآلية ليعود للاستجواب بريقه الذي ضاع، والمعني الأهم أن الشعب أدرك بهذا الأداء، أن من قام باختيارهم يمثلونه حتي الآن، بصورة مشرفة، وهدفهم الخدمة العامة وليس التستر بالحصانة والبحث عن منافع شخصية.