الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية -الإرهاب.. وسياسة الأرض المحروقة
تفجير خط الغاز بدمياط جاء لتشتيت جهود الأمن والحماية.. فقد ذهب الإرهاب إلي أقصي نقطة في شمال مصر لينسف خط الغاز، القادم من بورسعيد لتشغيل مصانع «موبيكو» للبتروكيماويات، وربما أيضاً تشغيل محطة توليد الكهرباء الغاز به بكفر البطيخ بدمياط وكلاهما هدفان كبيران يحدث إيقافهما ضرراً كبيراً هناك.
فالأول مصنع «موبيكو» يذهب معظم إنتاجه إلي التصدير خارج مصر.. ويوفر حصة كبيرة من احتياجاتنا من الأسمدة.. ويعمل به العديد من أبناء المنطقة.. وقام علي استثمارات بمليارات الدولارات.. وهو بذلك رسالة قذرة يرسلها الإرهاب للمستثمرين الأجانب.
والثاني- محطة كهرباء كفر البطيخ- هو أو هي أكبر محطة توليد تعتمد في تشغيلها علي الغاز الطبيعي، القادم أيضاً من منطقة الدلتا.. والهدف هنا إظلام هذه المحطة، والمنطقة حولها كلها.. وهذه خسارة نفسية.. قبل أن تكون مالية.
<< وضرب هذا الخط جاء في نقطة ضعيفة يعبر فيها الخط فوق ترعة السلام الذاهبة مياهها إلي سيناء.. لأن الخط كله غاطس أي مدفون تحت الأرض إلا منطقة عبور هذه الترعة، وهو- في هذه النقطة- شبه خط معلق فوق جمالون حامل، ولا يمكن إصلاح الخط إلا بإنشاء حامل بديل.. أي العملية تحتاج وقتاً طويلاً.. وهذا كله يعني ان الإرهاب ماض في استنزاف ثروات مصر وتعطيل إنتاجها وإيقاف عملية تصدير منتجات مصانع «موبيكو» في منطقة ميناء دمياط إلي الخارج.
وكأننا ونحن عشنا فترة طويلة علي نسف خط الغاز في العريش قد تركزت جهودنا علي تأمين هذا الخط.. فجاءت الضربة هذه المرة من منطقة دمياط وهنا نتساءل: كم مليوناً من الدولارات والجنيهات نخسرها بضرب هذا الخط.. وكم سنتحمل مالياً ونفسياً من أجل إعادة تغيير المساحة التي تم تفجيرها.. وكم الخسائر التي تحملها الناس من توقف حركة النقل والسير بالسيارات علي الطريق الذي يربط دمياط بالمنصورة ومن ثم إلي القاهرة.. ثم كم خسرنا من الجانب النفسي.. والرعب الذي سببه هذا التفجير لأهالي المنطقة.. وهل تتفرغ مصر للبناء.. أم تتجه وتركز كل جهودها لمواجهة الإرهاب؟!
<< وفي ظني أن الإرهاب يرسل لنا- بهذه التفجيرات متعددة الأماكن رسالة واضحة وهي: إما هم يحكمون البلاد.. أو يدمرونها ويحرقونها طبقاً لسياسة الأرض المحروقة التي تتبعها الجيوش المنهزمة.. وهي تنسحب من الميدان.
أم أن الإرهاب يطبق سياسة اليهودي «شمشون» التي تقوم علي: أنا والمعبد نفسه كذلك.. أي «عليَّ وعلي أعدائي».. ويبدو أنهم كذلك بعد أن تصاعدت موجة الرفض الشعبي لحكمهم البلاد، الذي لم يتحمله الشعب أكثر من عام!
وهل نسف هذا الخط هو بداية النهاية للإخوان.. أم انه أحد مسلسلات أعمالهم الإرهابية التي وقعت في الأيام الأخيرة، في أنحاء أخري من الوطن.
<< وكل ذلك يؤكد ان الإرهاب لا يعترف بالوطن، ولا بالحدود.. بدليل ما ينفذه إخوانهم في تونس وليبيا.. وفي مصر أيضاً، وهكذا كان تفكيرهم منذ نشأت فكرتهم في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، ولكن هي نضع حراسة تحت كل عمود للكهرباء، المنتشرة في كل بقاع الوطن.. وهل يمتد هذا إلي خطوط الغاز- وهي الآن متعددة ليصل الغاز إلي كل مصانع مصر وبيوتها.. بل وإلي محطات مياه الشرب والصرف الصحي.. أم يكفي اننا نضطر الآن إلي وضع الحواجز لحماية حتي المستشفيات والوزارات وإغلاق محطات المترو.. وكذلك كل مصنع وورشة في البلاد.
هي إذن سياسة الأرض المحروقة التي ينفذها الإرهاب.. حتي بات المصري يتلفت حوله قبل أن يضع رجله في الشارع وفي دور السينما وفي كل وسائل النقل.
<< أقول لكم: هم يتعمدون ذلك حتي لا يحس المواطن بالأمان.. ولا يشعر بالاستقرار.. بل وتجد الدولة نفسها مضطرة إلي تركيز كل الجهود لمواجهة عملياتهم.. ولا تتجه إلي ما ينعش الاقتصاد الوطني ويزيد الدخل القومي.. ويوفر للدولة ما تقدمه للناس من مرتبات وخدمات، ونقولها صراحة: هذا هو هدف كل هذه العمليات الإرهابية.
ولكنني ألفت الأنظار- وبالذات بعد تفجير خط الغاز عند دمياط- إلي خطورة الخلايا النائمة الموجودة حتي الآن في الأماكن الحيوية مما يقتضي عمليات خلخلة لكل موقع عمل حساس.. ولا نقول هنا بسجنهم- بسبب أفكارهم- ولكن بإبعادهم عن هذه المواقع الحيوية إلي مواقع أخري.. لأننا نسأل هنا: من الذي يعلم أن خط الغاز المدفون تحت الأرض، فيه نقطة ضعيفة، هي تلك التي يعبر فيها ترعة السلام.. وهنا لا نري ان «من يتلسع من النار.. ينفخ في الزبادي».. وان كنا نري ضرورة ذلك كنوع من الحذر، علي الأقل لنقلل المخاطر التي تهدد المصريين في حاضرهم ومستقبلهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف