جمال زهران
«الإخوان».. لا علاقة لهم بثورة 25 يناير.. وقائع تاريخية
كثر الحديث عن علاقة «الإخوان» بثورة 25 يناير، وقدموا أنفسهم باعتبارهم صانعيها تبريرا لقفزهم عليها، خاصة أنه
فى هذه الآونة يدعون إلى ثورة جديدة تنطلق فى الذكرى الخامسة للثورة وسبق لهم أن دعوا إلى ذلك فى الذكرى الثالثة (2014م)، والرابعة (2015م)، ومرت الثلاث وخاصة الأخيرة منذ عدة أيام، دون أن يتمخض عن دعوتهم تحركات شعبية حقيقية، بل تحرشات إخوانية بالشرطة فى عدة أماكن بأعداد محدودة لا تمت بصلة لفكرة الثورات نهائيا، الأمر الذى يقطع بانعدام علاقتهم بالثورة، وإن كانوا مستمرين فى محاولة خداع الشعب، وتؤكد الوقائع التاريخية وشاركت فى صنعها وشاهد على تفاصيلها أنهم لا علاقة لجماعة «الإخوان» بالثورة نهائيا، وإن كان الثابت هو أن ثورة شعبية قامت ضدهم وهم فى السلطة فى 30 يونيو، اقتلعتهم منها إلى غير رجعة، وإليكم صفحة من تاريخ الثورة:
1. يوم السبت مساء (22 يناير)، دعانا المهندس عادل المعلم فى منزله الكائن بإحدى العمارات بشارع الحجاز أمام حديقة الميريلاند بمصر الجديدة على عشاء للتشاور فيما يحدث بين رموز القوى السياسية، وفوجئنا بحضور ممثلين كبار لجماعة الإخوان وهم: (محمد مرسى ـ عصام العريان ـ محمد البلتاجى ـ محمد الكتاتنى ـ عاصم شلبي)، وفى المقابل حضورى مع أحمد شعبان/ حسام عيسي/ د. جلال أمين/ د. عبد المنعم المشاط وآخرين. ودار الحديث حول ما يجرى وما سيحدث خلال الأيام القادمة، وكانت وجهة نظرهم هى ضرورة ممارسة الضغط على النظام لإجراء حوار للنظر فى البرلمان وتعديلات دستورية والإفراج عن المساجين، فكان طرحى فى الجلسة مختلفا وحادا، وماذا عن يوم 25 يناير الذى دعا إليه الشباب ليكون بداية تحركات شعبية ضد نظام مبارك؟ سارع مرسى وقال: لا علاقة لنا بهذا!! فقلت والشباب حنسيبهم لوحدهم بلا غطاء سياسي؟! قال: احنا مالناش دعوة.. لأن احنا ما دعناش لذلك، احنا بنمارس الضغط بطريقتنا..، قلت: يعنى انتوا مش حتنزلوا الشارع خالص ولن تتفاعلوا مع الشباب، قال: لا.. انزلوا انتوا (يقصد القوى المدنية)، حتجيبوا (500)، حنجيب زيهم، لكن احنا لن نبادر بالنزول نهائيا. قلت له: يوم 25 يناير سيكون يوما تاريخيا علينا ألا نتركه يمر كباقى الأيام والفرص، فقال: د. جمال، انت ثورى طول عمرك وتاريخك بيؤكد كده، لكن احنا بقى مش ثوريين، ولا لينا فى الثورة، اعملوا انتوا الثورة، واحنا نبقى نمشى معاكم إن نجحتوا..!! ومش حنمشى وراء العيال دول ياعم جمال!!
قلت حاسما: شوية العيال اللى انت بتتكلم عنهم باستهجان، هما الشعب المصرى الآن، وحيعملوا الثورة فى 25 يناير، وابقى تعالى قول: أنا معاكم!! وهما دول اللى حيغيروا تاريخ مصر.. وابقى قابلنى يا دكتور مرسي، وبكره تشوف، وانتوا كإخوان مفيش منكوا فايدة، وعلشان كده أنا حمشى وانسحب من الجلسة، وحاول البعض إثنائى عن المغادرة، ففشلوا وأصررت على ترك الجلسة، وكان من بين الحضور الذى أيدنى فى ضرورة وقوف الإخوان إلى جانب الدعوة الشبابية فى 25 يناير، م. أحمد شعبان: والباقى يتابع باهتمام شديد تلك المناقشة الحامية والساخنة التى انتهت بمغادرة الجلسة اعتراضا على الموقف المخزى لقيادات الإخوان فى هذه الجلسة، ومن يومها لم أجلس معهم مرة أخري، كما قلت أثناء مغادرتي، هذه هى آخر جلسة أحضرها معكم.
2. مساء 3 فبراير (الخميس)، فوجئنا بدعوة عاجلة لجلسة لقيادات الجمعية الوطنية للتغيير، ونحن موجودون بالميدان، واجتمعنا فى غرفة عمليات الثورة القريبة من الميدان، حيث تسلل كل واحد حتى وصلنا للمكان، وهناك التقينا بأحد الشباب الذى استطاع الهروب من الأمن من الهرم حتى وصل محبطا ومستسلما (عبد المنعم)، وحضر من الإخوان (محمد البلتاجي/ محسن راضي/ أحمد دياب وآخرون وفى المقابل حضرت وأيضا د. عبد الجليل مصطفي، د. أحمد دراج، وآخرون)، ودار حوار حول ما حدث فى واقعة الجمل بالأمس وكيف انتهت، ومحاصرات الأمن، وفوجئنا بطلب من البلتاجى حسب التعليمات الصادرة له من مرشده، بضرورة الانسحاب من الميدان بعد الانسحاب الجماهيرى منه، وأصبح خاليا من الناس الذين ركبهم الخوف بعد موقعة الجمل، وانفتحت فى البلتاجى بلا حدود، وقلت له، راكبين الثورة، وذهبتم إلى عمر سليمان وأصبحتم «المحظوظة» بدلا من «المحظورة»، وتريدون أن تقضوا على البقية فى الميدان، لحسابكم إننى اعترض وبشدة على الانسحاب أو تسريب ذلك إلى الميدان ومن يرغب فى ذلك فليصعد على المسرح ويقول ذلك، ليرى حجم الغضب الجماهيرى عليه آنذاك. وبعد جدل شديد استمر نحو ساعتين بين الحضور، وانقسم الجميع الذين وصل عددهم عند التصويت إلى (20)، والذى أجرى فكانت الغلبة لعدم الانسحاب من ميدان التحرير نهائيا، ومع ذلك طرحت طرحا وسطا لأؤكد على أن الناس مصرون على الثورة، ونحن ليلة جمعة الرحيل، وهى الجمعة التالية لجمعة الغضب (28 يناير)، وسيحضرون فى الصباح بالآلاف إن لم يكونوا بالملايين، حيث قلت لنصبر صباح الغد إن حضرت الجماهير ـ وأنا متأكد من حضورهم، فليسكت للأبد وليصمتوا دعاة الانسحاب من الميدان نهائيا، ولتستمر ثورة الشعب المصرى حتى تحقيق جميع مطالبها، وهى إسقاط النظام حيث كان الثوار قد صعدوا المطالب بشعار: (الشعب يريد إسقاط النظام). وانتهت الجلسة فى نحو الثانية صباحا، وعدنا إلى الميدان، وكل منا اختار طريقة للنوم والراحة لعدة ساعات حتى جاء الفجر وأدينا الصلاة، ودعونا الله أن يدعمنا، ومع بزوغ الشمس فوجئنا بما توقعته بتدفق الآلاف حتى حان وقت صلاة الجمعة، فكان الميدان مكتظا عن آخره بلا موقع قدم خاليا. وابتسمنا جميعا، وهنأنى البعض ممن حضروا الجلسة من أصحاب النفوس الصافية، على توقعاتي، وكان النصر حليفنا، والإخوان فى طليعة الخذلان والانسحاب من الميدان فصمتوا ولم يفتحوا أفواههم بعد، وذهبوا للاستمرار فى حوار الصفقات بعيدا عنا!!
ـ وهناك وقائع أخرى سيأتى الحديث فى حينها، ولذلك سنظل نقول الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله وتحقيق كل مطالبها فى العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية والاستقلال الوطني، ومازال الحوار متصلا.