المساء
أحمد عمر
أصل الكلام- خدمة مدنية
في البدء كان الإنسان عفيفا حتي ظهرت البرلمانات.. وبين ناخب ومنتخب اختلط الباطل بالحق.. المشكلة ليست في مبادئ الديمقراطية ولا في العلوم السياسية إنما في الممارسة الشعبوية والعزف علي أوتار المشاعر والغرائز.
والعف في قاموس المعاني تعني الطيب ويقال رجل عفيف أي يمتنع عما لا يليق.. ولم يرد في القاموس وصف للعفة في مجالس النواب وما شابه. إلا ما تواتر عن السلف الصالح بأن الرجال بقول الحق وليس الحق بقول الرجال.. فشرعية البرلمان لا تنفصل عن القيام بدوره.. أداء الواجب أهم من اكتساب حصانة زائلة بنسبة تزيد قليلا عن عشر الناخبين.. الحنث باليمين كفيل بإسقاط الشرعية والشرف.. ماذا يفيد الإنسان إذا كسب العالم كله والحصانة والتابلت وخسر عفته.. البعض سيقول وماذا يفيد النائب إذا مرر القوانين كلها وخسر لباس عنتر.
** ونحيا في مجتمع أنهكته عقود من الفشل الإداري وغرقنا في أوحال الفساد والعشوائية وجهاز بيروقراطي تضخم سرطانيا حتي بلغ تعداده 7 ملايين موظف.. وقلنا في هذا المكان قبل زمن إن هذا العدد يزيد علي موظفي جمهورية الصين الشعبية.. وأكثر من 10 أضعاف موظفي الولايات المتحدة الأمريكية.. وطالبنا قبل شهور بضرورة الاصلاح وإعادة الهيكلة وأشرنا أكثر من مرة لتجربة اللبناني كارلوس غصن في النهوض بشركة نيسان اليابانية وكيف تحولت من شفير الافلاس إلي التربع علي عرش صناعة السيارات في العالم في غضون عامين فقط.. وأن التخلص من العمالة الزائدة لا يعني القاءها في اليم إنما انتقالها إلي مواقع أكثر عطاء في المنظومة الاقتصادية.. وتبنت "المساء" علي مدار أعداد استمرت أياما بابا بعنوان "موظفون لكن مليونيرات" كشف فيه المراسلون في كافة المحافظات مفارقات الموظفين الذين يتمسكون بالوظيفة الميري رغم مزاولتهم أعمالا خاصة من تجارة ومقاولات تدر عليهم أرباحا حلالا بملايين الجنيهات.. وكشف أيضا عن انحرافات استغلال العمل الحكومي في التربح والاستيلاء علي المال العام.. وذكرنا أن ثقافة العمل في حاجة إلي ثورة تصلح المختل وتقضي علي خطايا التوريث والترقية بالأقدمية.. وأن شركات ومصانع القطاع الخاص لا تجد عمالا ولا موظفين بينما وظيفة واحدة تعلن عنها الحكومة يتقدم لها ألف مما تعدون.. معظمهم يمارسون أعمالا أو أصحاب أعمال يتوهمون أن البطالة هي العمل في غير الحكومة.. أو يرغبون العمل الحكومي حتي لا يعملون ضامنين قبض المرتب والمعاش مع العلاوة والإنصاف.. حتي لو يأكل الشعب عيش حاف.
ونقول ونعيش كل يوم معاناة الناس في تعاملهم مع الإدارات الحكومية وتفشي ظاهرة التزويغ إلي جانب الفساد الذي ينغص علينا حياتنا.. وتفاءلنا خيرا بإطلاق الحكومة قانونا يفتح أبواب الاصلاح.. وجاء مجلس النواب فألغي قانون الخدمة المدنية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف