الأهرام
أبو العباس محمد
بعد السلام .. الناضورجى والأستاذ «1 ـ 2»
كثيرا ما يصادف الغريب فى مكان يذهب إليه لأول مرة مواقف محرجة، وتنتهى زيارته الأولى بذكرى تظل محفورة فى ذهنه إلى أن يموت خاصة لو كان لهذا المكان شهرة وسمعة، وهذا ما حدث لى عندما استقر بى المقام فى القاهرة أواخر الثمانينيات.. عندما طلب منى أحد الزملاء أن أزور معه صديقا مريضا له فى حى الباطنية بمنطقة الأزهر وبالمرة نقرأ الفاتحة لسيدنا الحسين ولا مانع إذا ما توفرت لدينا قروش قليلة أن نجلس على مقهى الفيشاوى، ولأن الإغراءات كانت عديدة وافقت فورا والتقينا فى الموعد المحدد، وكان فى فصل الشتاء، وما أن دخلنا الشارع المؤدى إلى حى الباطنية، الذى كان بمحاذاة سور الجامع الأزهر، ظهر لنا صبى كان يجلس على مقهى عند ناصية الشارع ليضع رأسه برقبته بيننا ويسألنا: الأساتذة رايحين فين إن شاء الله.. وعايزين مين؟.. وراح يضرب بكفه على كتفينا وبصوت عال تكاد تسمعه كل الحارة ظل يهلل قائلا: انتوا شرفتونا ونورتونا يا بهوات أهلا وسهلا.. وشرح لنا العنوان الذى نقصده بالتفاصيل ثم انصرف، الغريب أنه ومع كل مسافة قصيرة كنا نقطعها، كان هناك من يستوقفنا ويرحب بنا بذات العبارة لدرجة أننا شككنا بصاحبنا المريض أنه صاحب الحارة وشيخها، والذى بمجرد أن فتح الباب لنا خرج عن وقار «مرضه» لتنتابه حالة من الضحك الشديد حتى كاد يستلقى على قفاه من شدة الضحك وهو ينظر لكتفينا، وقد كان الموقف مخجلا جدا فى بادئ الأمر، ليفاجئنا قائلا: يا نهار قرش.. اتعلم عليكم يابهوات اخلع الجاكت يا عم أنت وهو لتنظيفها من كف جير الناضورجى المرسوم على أكتافكم فأدركنا أن تجار المخدرات الموجودين والمعروفين والمسيطرين على الحى لديهم مجموعة من الشباب يراقبون الغرباء القادمين إلى المكان لأول مرة، وبمجرد دخولهم يتم وشمهم بتلك العلامة على اكتافهم للحرص والانتباه والتأمين من حملات شرطة مكافحة تجارة المخدرات، ولذا أحسسنا حينئذ مدى حقيقة التفاصيل المثيرة التى يتداولها الناس عن الحى.

وهذا كان طبيعيا أن أتذكر حكايتى مع ناضورجية الباطنية بعد مضى 52 عاما على مرورها وأنا أكتب لكم اليوم عن ناضورجية «بين السرايات» والأستاذة داخل مدرجات جامعة القاهرة..

نكمل الحكاية الأسبوع المقبل بإذن الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف