عكس احتفال السفارة الهندية بالعيد القومى ، قيم الفن والحضارة ، ولم لا؟.. فأصحاب الحضارات يتميزون عمن سواهم بتاريخهم وفكرهم وفلسفتهم مهما تبدل بهم الحال أو تغيرت الظروف. ولا يهم هنا الغنى والفقر بالمعنى المعروف لدى تقييم الدول اقتصاديا، فالتاريخ يطل برأسه ليتحدث وينبض، ويواصل التنفس ، بما أودعه للبشرية من مكتسبات وقيم . وهنا تكون الحقيقة ماثلة أمام الجميع، فالتاريخ والحضارة يتقدمان فى حال تقييم الدول والشعوب، وهذه قيمة مضافة لمصر والهند والصين والعراق وإيران وتركيا واليونان بغض النظر عن الخلافات السياسية الناشبة حاليا بين بعض هذه الدول التى أسهمت بقدر واف فى تاريخ البشرية.
نعود الى احتفال السفارة الهندية بالعيد الوطني، فكان أول من يلمسه الزائر هو روح الفن النابض، فكانت لوحات تلاميذ وطلاب مصر من مختلف المحافظات والأعمار وتعبيرهم عن شكل العلاقة بين حضارتين يقاس بهما التاريخ، ويضيفان قيمة حقيقية للشعوب، فالتاريخ يتواصل ولا ينتهى مهما ضربت فى الدنيا العلوم الحديثة من تكنولوجيا ووسائل اتصال مباشر وغير مباشر.
وإذا كانت لوحات الأطفال المصريين خير مقدمة للاحتفال بتاريخ العلاقات بين الشعوب، فقد عكست ابداعاتهم مضمون الحضارتين والتمازج بينهما، وكانت ألوانهم ورسوماتهم خير شاهد لتجسيد عمق الحضارة واستلهام التراث والأساطير عبر الخيال.
الجميل حقا فى الاحتفال أن المشاركين شعروا وكأنهم داخل الهند ، إن لم يكن أرضا فعلى الأقل فنا، نظرا لشكل الاحتفال الذى شمل فنونا ورقصا وغناء لينقل لنا روحا هندية خالصة وحية.
لقد تذكرت وقت الاحتفال كيف كانت الأفلام الهندية تحظى بجماهيرية شديدة وقت عرضها فى مصر، فكانت لسينما بوليوود دور فاعل فى التقارب بين الشعبين بالتوازى مع الشق السياسى الذى لعب فيه مؤتمر باندونج البداية الحقيقية .
وبينما يتشارك أصحاب الحضارات فى التاريخ والابداع ، يكرس المفكرون الغربيون جل جهدهم للتبشير بصدام الحضارات، وهم فى ذلك لا يعكسون سوى أفكار شيطانية للقضاء على كل ما هو حضارى وعريق.