عباس الطرابيلى
هموم مصرية مصر والقمة الإفريقية.. والسد!
لم يذهب رئيس مصرى لأى قمة إفريقية، منذ محاولة اغتيال الرئيس حسنى مبارك فى أديس أبابا فى منتصف التسعينيات.. وكان هذا الغياب الرئاسى المصرى لهذه القمم من أهم أسباب انهيار قيمة مصر فى معظم دول القارة.. ولكن سبقت هذه، سابقة أخري، من أواخر أيام حكم الرئيس السادات، واهتمام مصر بغير إفريقيا بعد هاتين، أى بعد هذين الرئيسين.. ولكن مصر دفعت ثمن هذا الغياب غالياً.. رغم أن كل إفريقيا وقفت مع مصر إقليمياً ودولياً بعد هزيمتنا فى يونية 1967.. ولكن ـ بعد ذلك ـ أعطت مصر ظهرها تماماً لإفريقيا رغم أنها كانت فى مقدمة الدول التى أقامت هذا الاتحاد الإفريقى من أيام عبدالناصر.. ولكن بسبب انكفاء مصر لحل مشكلتها مع اسرائيل.. ابتعدت إفريقيا عن مصر.. وربما أكثر مما ابتعدت مصر عن إفريقيا..
<< وأمس طار الرئيس السيسى إلى أديس أبابا ليرأس ويمثل وفد مصر فى القمة رقم 26. ولكن لنا رأياً آخر هذه المرة.. ذلك أن هذه القمة تعقد فى عاصمة دولة تناصب مصر العداء وهل هناك أخطر من سد النهضة الذى تقيمه هذه الدولة وهو سد نراه مدمراً للحياة فى مصر.. وكأن إثيوبيا تريد أن تصبح هذه القوة الأساسية فى القارة.. فهل تحقق إثيوبيا ذلك، ولكن عن طريق تدمير مصر؟!
ولقد فهمت ـ مما نشر عن هذه القمة ـ أنها لن تناقش ـ مثلاً ـ قضية سد النهضة، ربما مجاملة لأثيوبيا صاحبة الأرض التى تقام عليها الآن هذه القمة.. رغم أن مصر كانت هى صاحبة اقتراح اختيار أديس أبابا مقراً لمنظمة الوحدة الإفريقية ومنذ الستينيات. وفهمت أكثر أن مصر «قد» تبحث قضية السد ولكن «على هامش» «هذه القمة» فهل هذا يجوز.
<< ولنا تساؤل نطرحه نحن على هذه القمة: ألا يمكن أن تتحول قضية هذا السد إلى بؤرة صراع سياسي.. ثم صراع عسكرى إذا أصرت إثيوبيا على المضى قدماً، وهى بالفعل مصممة على استكمال هذا السد.. بل إننى أرى أن إثيوبيا ربما تدعو قادة دول إفريقيا لزيارة موقع العمل فى السد.. تباهيا وتفاخراً بما تقيمه هناك! ثم ألا ترى بعض دول القارة أن إصرار أديس أبابا على استمرار بناء السد يمثل تحدياً واستفزازاً لمصر، التى كان لها الفضل الأول فى استقلال كل دول القارة..
<< ولكن بعيداً «عما سبق أن قدمته مصر» ألا ترى دول إفريقيا أن إثيوبيا تمضى رفضها لحقوق مصر التاريخية، يتنافى مع ما استقرت عليه كل دول القارة بالنسبة لنزاعات الحدود لأن إثيوبيا ترفض الاعتراف بالاتفاقيات بحجة أنها وقعت بين الدول التى كانت تستعمرها، أى تمت فى عهد الاستعمار.. طيب: وماذا عن كل اتفاقيات الحدود.. وكلها تمت أيضاً فى عهد الاستعمار.. ألا يمكن أن يتحول تمسك إثيوبيا بهذا السبب إلى كارثة عسكرية بين كل الدول الافريقية بسبب الخلاف الذى قد ينشأ.. على الحدود؟!
ولماذا لا تحس افريقيا أن هذا التشدد الإثيوبى يمكن ان يجر دول القارة ـ وليس فقط دول حوض النيل ـ إلى حروب طويلة تستنزف كل قدرات هذه الدول؟!
<< وأعتقد أننا إن ضيعنا فرصة عرض قضية السد على هذه القمة، نضيع حقاً أساسياً من أهم حقوقنا.. ولن نستيقظ بعدها إلا وقد اكتمل بناء السد وبدأت عملية ملء الخزان وتشغيل محطة الكهرباء العملاقة التى لا علاقة بينها وبين التنمية ولكن معظمها يتجه الى التصدير.. خارج إثيوبيا.. خصوصا وأن المحطة تبعد حوالى 1400كيلو متر عن موقع العاصمة الأكثر احتياجا لهذه الكهرباء.
<< وفى المقابل كم أتمنى ألا تتنازل مصر عن كل حقوقها التاريخية وبالذات حصتها من المياه.. وكذلك على حقها فى الإخطار المسبق لنا قبل البدء فى أى مشروعات أخرى على منابع النيل.. خصوصاً وأن إثيوبيا تخطط لإنشاء 4 سدود أخرى على النيل الأزرق..
وكم أتمنى ألا تتسول مصر حقوقها..لأننا مازلنا نملك وسائل أخرى للمحافظة على هذه الحقوق. ومصر لن تتسول أبداً.