الأخبار
فاطمة قنديل
فاطميات «دستور» يا أسيادنا !
القوانين صارت كالفتاوي، تتبجح علي أبيها «الدستور» كما تتبجح الفتاوي علي كتاب الله

رأيت فيما يري النائم (وهو كما تعرفون اسم كتاب لنجيب محفوظ، ولاعلاقة لي به)، أنني أطوف حول مكان مكتوب عليه «لجنة انتخابية»، وأري اسمي مكتوبا وإلي جانبه رقم مبهم، رأيت أنني أتسلم ورقة مكتوب عليها كلمة «دستور»، ثم أضع علامة صح، أو علامة خطأ، وأنني مرة وضعت كلمات غامضة من قبيل: «الثورة مستمرة»، قيل لي بعدها، إنها تفسد الحلم! تكرر هذا الحلم مرات عديدة لأعوام، وفيما أتذكر أن بداية ظهور هذه الأعراض التي انتابتني، كانت في يناير 2011! لم أحلم بهذا الحلم منذ مايزيد علي عام، وظننت أني شفيت، لكن حلما آخر ظل يراودني، فرأيت فيما يري النائم أفرادا يساقون إلي السجون، قيل لي بعدها إنهم يعملون بمهنة الكتابة والفكر، وهي مهنة بدت لي مشينة، لأن كلاما كان يتردد من بعض المارين في الأحلام، يصفها بازدراء الدين، فبحثت عن الأقلام في بيتي، والأوراق، وأحرقتها، وذروت رمادها في الهواء حتي لا يُستدل بها علي! لكن الحلم لم يتوقف، ففكرت في أن أظل مستيقظة حين ينام البشر، وبأن أسلي يقظتي، بأفلام الأبيض والأسود، استقرت بي اليقظة علي قناة لم تكن تبث سوي الأفلام، هي»ميلودي كلاسيك»، لكنني بعد قليل سمعت صوت «فرقعة» وأشياء تتكسر، قبل أن يطلع عليّ صوت يحذرني من الشيوخ الدجالين والنصابين، أصحاب النفوس الدنيئة، كمايصفهم، الذين يدّعون العلاج بكتاب الله والسنة، وذلك خلافا للشيخ الكتاتني المغربي والشيخة أم خديجة، اللذين يعالجان السحر المرشوش والعمل المدفون والمس...وغيرها، «بالرقية الشرعية»! فكرت في الاتصال بالشيخة «أم خديجة»، لأسألها تفسير الأحلام الملازمة لي، خاصة أن الأرقام علي الشاشة بدت لي كأنها في مصر، لكنني خشيت أن تكون أحلامي قد اختلط بعضها ببعض، ومن أدراني أن أولئك الكتاب، الذين يزدرون الدين، قد تخفوا في الشيخ الكتاتني والشيخة أم خديجة؟! رأيت فيمايري النائم أن ملايين المتظاهرين قد أمسك كل منهم برقبة الآخر وظل يعتصرها، وأن منهم من كان يحمل البنادق ويصوبها في أعين من يمرون أمامه، ورأيت نفسي أحمل خنجرا وأغمده في قلب جاري في الميدان(لاأتذكر الآن اسمه، وغالبا كان:»فلان الفلاني») ثم أنظر إلي صورة مبارك الملطخة بالدماء، وأصرخ: قتلته قتلته، وكان مبارك ينظر لي ساخرا من مجلس النواب، مرتديا أقنعة نائبات ونواب، يرقصون ويغنون:»إن يناير كانت مؤامرة، ،وإنني قتلت جاري في الميدان، وإنه رأي دمه علي يدي، لاعلي يديه». رأيت الدماء تتلوي كالأفعي ورأيتني شابة منذ أكثر من ثلاثين عاما، أبكي قتلي الصراع الطائفي بين المسيحيين والمسلمين، رأيت الشعيرات البيضاء وهي تسري في شعري وأنا أمشطه من دماء المسلمين: سنة وشيعة، ثم من مسلمين ودواعش، رأيت الشعيرات وقد صارت بيضاء تماما إلا من هالة دماء تحوطها من صراع»موقظي فتنة»: يناير (يين) ويونيو (يين)!رأيت نفسي وقد كتبت كثيرا عن كل هذا، وكتب أساتذتي وزملائي، دونما مجيب، لأن القوانين صارت كالفتاوي، تتبجح علي أبيها «الدستور» كما تتبجح الفتاوي علي كتاب الله، ورأيت أن ما نكتبه تذروه الرياح، وكأننا منذ عقود لاتريد أن تنتهي «كتبنا وماكتبنا»، أو كأن أيدينا هي يد جدنا القديم «الفلاح الفصيح «(3000 ق.م.)يغمس ريشته في المحبرة ليخط شكاواه للأمير كي يعيد إليه ما اغتصبوه من ماشيته:» ياسيدي! إن كل محاكمة حقة تدحض الباطل، وتعلو بالصدق، وتشجع الحسنة، وتقضي علي السيئة، كالشبع عندما يأتي يقضي علي الجوع، والكساء يقضي علي العري، وكالسماء تصفو بعد العاصفة الشديدة وتدفئ كل من شعر بالبرد، وكالنار التي تسوي النيئ،.....انظر بعينيك: إن المحكم متلاف، والمصلح موجد للحزن، ومهدئ الخلافات خالق للألم، والمغتصب يحط من قدر العدالة....» رأيت فيما يري النائم أنني أكتب معه: «يارئيس الجمهورية»أعد لي (دستوري) حتي أسكت عن الصياح الذي يزعجك»!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف