الوفد
حازم هاشم
مكلمخانة-من «فرافيرو العجيب» إلى مهازلنا التليفزيونية الحالية!
اهتز المجتمع المصرى فى الستينيات من القرن الماضى لفواجع ناجمة عن محاكاة الأطفال لما شاهدوه على شاشة التليفزيون من قفزات «فرافيرو العجيب» من أسطح المنازل والشرفات العالية الى الشارع!، ولم يكن «فرافيرو» غير شخصية فيلمية مصورة مرسومة لا علاقة لها بالواقع!، فى حين أن الأطفال الذين تابعوها سارعوا الى تبنى فكرة القفز على طريقة «فرافيرو» ليلقى نفر منهم حتفهم مخلفين لأهاليهم مآسى دامية خلقت جروحاً أعرف أنها لم تندمل بسهولة، وقد انعقدت أيامها منتديات ولقاءات شارك فيها علماء تربية أشاروا بأصابع الاتهام للتليفزيون الذى كان يجب عليه أن يتبصر فلا يقدم مثل مادة «فرافيرو» التى تداعب خيالات الأطفال ويقلدونها لكى يكون الموت نهاية لأعمارهم الغضة، وقد ذهب الصخب الذى رافق ظهور «فرافيرو» وضحاياه لتداهمنا كارثة هزيمة يونية 1967، وينكفئ كل المصريين على كارثتهم التى طغت على كل ما عداها من المحن.
لكن أوقاتنا الحالية قد اتسعت لفواجع مروعة تؤكد لنا أن المجتمع على عهد «فرافيرو العجيب» كان أشد حساسية ورهافة فى مشاعره تجعله يتأذى من فواجع من طراز «فرافيرو» التى أزعجت المجتمع كله، حتى أن البديل الذى أسقط الاهتمام بما سببه ما يعرضه التليفزيون من قفزات «فرافيرو» نزول الهزيمة النكراء على رؤوسنا لتحتوى كل الناس لكى لا تبقى أى مساحة لاهتمام آخر!، ومثالاً على ذلك فإننى قد فزعت فجر أمس فى انتظار نشرة أخبار إحدى القنوات التليفزيونية، فكان لابد أن أصبر على حلقة من مسلسل عنوانه «لما تامر ساب شوقية»، ولم أعبأ فى قليل أو كثير بمتابعة «هيافات» الحلقة خاصة أننى لم أتابع حلقات المسلسل من قبل!، لكن ما أفزعنى أن أرى طفلاً متضخم الجثة يمسك فى يده بشومة ثقيلة تكاد أن تطاوله!، وفى يده الأخرى سكين طويلة مشرشرة يلوح بها غير عابئ بجدته التى تنهره!.، بل ظل متشبثاً بسلاحيه: السكين والعصا، عملاً بوصية من خاله الواقف بين الولد والجدة، ناصحاً الجدة بأن تتركه «يتدرب» على التعامل بالسلاحين مع الآخرين أسوة بخاله هذا الذى ألقى نصائحه وهو يمسك بسكين قصيرة مدرباً على استخدامها فى أى شجار، مما يليق به كسائق ميكروباص!، وفى وسط هذا المشهد المفزع إذا ببطلة المسلسل الشابة تدخل على الجدة والصبى والخال شاهرة سلاحها وهو عبارة عن ساطور مسنون!، وهى تلوح به فى وجه الجميع، فوجدت نفسى أمام ثلاثى دموى لا يعرف الرحمة، وكل الذى تذكرته ساعتها أن يكون هناك بعض الأطفال الذين ستداهمهم هذه الصورة لهذا الثلاثى الدموى، فيكون تقليد البعض من الأطفال لهم بادئاً بالبحث فى مطابخ بيوتهم عن الأسلحة المماثلة.
ولما كان قفز «فرافيرو العجيب» قد أصبح فى ذمة التراث التليفزيونى منذ الستينيات من القرن الماضى، فقد رأيت أن إحياء تراث فرافيرو القديم قد أخذ منحى آخر يتمثل هذه الأيام فى اصفرار واخضرار وجوه بعض شخوص الإعلانات وانقضاضهم على من يتصورون أنهم من خصومهم، والقضاء عليهم بضربة واحدة بعد تحولهم الى وجوه متوحشة بأقنعة مخيفة!، وليس مهماً أن تفهم!، بل ليس من الضرورى أن يشرح لك أحد أى شىء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف