سكينة فؤاد
عن الدماء الشهيدة.... وما تفعله الأمم الجادة
< لابد أن تبدأ السطور بتحية إجلال للدماء الشهيدة لمن يقدمون الحياة ليحيا وطنهم... مواكب استشهاد وبطولات أبطالنا بالأمس واليوم وغدا أرجو أن تردع وترد الضمائر والعقول إلى متطاولين ومتنطعين وغرباء ودخلاء على القيم وأخلاق المصريين التى كانت من أهم سماتهم عبر تاريخهم الطويل والعميق... تحيات إجلال وإكبار لمن بدمائهم الطاهرة يغسلون انحلال وسقوط وتفاهة من لا يمكن أن يحسبوا أو تحاسب بهم القاعدة العريضة من شباب محترم ينتمى بصدق ورجولة وشرف لبلاده مهما اتفق أو اختلف.
< أيضا هذه الدماء الشهيدة الطاهرة هى ما تزيد الغضب والرفض لأن يكون شهداؤنا وأبطالنا - هناك فى سيناء وعلى الحدود وفى كل شبر من أرض بلادهم يقدمون أنصع وأشرف التضحيات والبطولات وهنا داخل مصر مازال الفساد والفاسدون يواصلون سرقة الحياة والأمل والانقاذ وكل ما يضحى الشهداء ليحققوه لبلادهم...!!
يثير الشجون أيضا ما عشناه خلال الأيام القليلة الماضية واستقبال الرئيس الصينى فى مصر... وما أنجزته الصين وما حرم المصريون من إنجازه خلال ستين عاما وكيف بالخبرة والعلم والاتقان والحزم قاموا بأخطر سياسات وغزوات التنمية والنمو والاستثمار والتشييد.. وما وقعوة فى مصر لتنفيذ مشروعات لتطوير مصانع الغزل والنسيج وإنتاج الانسولين وفى العاصمةالادارية الجديدة وهو المشروع الذى اختلف تماما مع أهميته الآن.
وضرورة إنشاء مدينة ملاهى تضاهى وتتفوق على ديزنى لاند... أحدث الاحصائيات تقول إن 90% من المستشفيات الحكومية لاتتوافر فيها معايير الجودة بل أثق أنه لاتتوافر فيها معايير الصلاحية أساسا!! ناهيك عن الأحوال البائسة للقرى والمدارس والبنية الأساسية ـ ليس هذا موضوعنا الآن إنما من أهم وأخطر الفروق بين التجربة الصينية وبيننا وأراه فى موقفنا وموقفهم من الفساد والإفساد وقد عرفته مصر منذ فجر تاريخها ففى عبارة بليغة لمصرى قديم ـ يخاطب الحاكم ويطالبه بإقامة العدل ويشكو له الظلم الذى يتعرض له ويحذره من أن الفساد الذى يعم البلاد سيحرم سفينة حكمة أن ترسو على شاطيء وتنجو من العواصف التى تتعرض لها.
هل تخلو الصين من الفساد؟! لايوجد مجتمع انسانى يخلو من هذا الداء الخبيث ـ الفارق أن المجتمعات التى تقاوم وتنجو مجتمعات تحاسب وبحزم ولا تتهاون فى تطبيق صارم لقوانين مشددة وتبدأ بالكبار وأصحاب المسئولية الأكبر بينما المجتمعات التى تفشل هى مجتمعات تدلل الفساد وتحميه وتشرع له القوانين التى توفر لكبار الفاسدين الحماية... وهذا ماكنا عليه عشرات السنين عندما كان الفساد عمودا فقريا لتحالفات السلطة والنهب المنظم لثروات الدولة، وماكان من أهم أسباب غضبة المصريين وانفجارهم الكبير فى 25 يناير 2011 وأيضا أن تمثل مقاومة الفساد هدف من أهم أهداف هذه الثورة وموجتها الأعظم فى 30/6 تحرير مصر من سطوته ونفوذه واستقوائه ـ ومن أهم المطالب لمجلس النواب إسقاط جميع القوانين التى فردت مظلات حماية عليه ووضع تشريعات تدعم معركة إسقاطه وتخترق شبكاته وعملائه الذين يتضح كل يوم ضراوة مقاومتهم ومواصلة جرائمهم مهما كان الثمن المدفوع لها!! وماهى العقوبات الرادعة والعاجلة التى تنهى إغراءات التمادى التى مازلنا نشاهد نماذج مدهشة لها مثل مانشرته الدستور 23/1 بعنوان
[كارثة: ضبط 500 طن أقماح مليئة بالحشرات فى «شون» بنك التنمية والائتمان الزراعى - تحاليل معامل وزارة الصحة أثبتت تغير الخواص الطبيعية للقمح وعدم صلاحيته للاستهلاك الآدمي!] بالطبع هذه الكميات الفاسدة من القمح ستلحق بآلاف الأطنان التى لا تصح للاستهلاك الآدمى وطحنها وأكلها المصريون ـ بينما السادة الفاسدون لايستطيع أحد المساس بهم وتزداد المأساة عندما تعرف أن هذا التدمير يحدث لقمحنا بينما تتعاقد هيئة السلع التموينية على شراء 235 ألف طن وتطمئننا بما لا يطمئن أبدا أن الاحتياطى يكفى حتى مايو القادم!! وأنها تنوع مصادر الاستيراد من روسيا ورومانيا وكندا وفرنسا والأرجنتين وأمريكا وأوكرونيا وغيرها من الدول!!
التباهى باستيراد هذه الكميات من القمح من أنحاء الدنيا ألا يعد من أسوأ وأقسى أنواع الفساد، أو لا تملك وزارة الزراعة خطة قومية لتقترب فى إنتاج القمح من حدود الاكتفاء الذاتى وهو مطلب نملك الإمكانات البشرية والطبيعية لتحقيقه ـ القلم الذى يكتب هذه السطور كتب من قبل على صفحات الأهرام وقدم الوثائق والأدلة العلمية التى تقول نعم ـ نستطيع.
سؤال آخر لايقل أهمية: ماذا لو حدثت حادثة ضبط 500 طن أقماح فاسدة فى الصين.....؟!
أجيب بنفس القصة التى قدمتها من قبل عن السيدة التى تقدمت محنية الرأس ووراءها أربعة رجال ـ بالصوت والصورة نفهم من الخبر ـ أن السيدة الصينية صاحبة معمل لألبان الأطفال والذين وراءها أربعة من العاملين بالمصنع... ستنفذ فيهم عقوبة الإعدام ـ لأن الجهات الرقابية اكتشفت فى الألبان ... مادة قد تتسبب فى قتل الأطفال !! لم يبحثوا عن عامل صغير مهمل يذبحونه بعد أن يحملوه مسئولية ماحدث... إنما العقاب المشدد ـ الإعدام ـ لصاحبة المصنع ومديريه الأربعة!!
< وكما قال الرئيس السيسى الأمم لا تبنى بالمجاملات والمزايدات ولكن بالعمل المخلص والإتقان والصبر والجلد والكفاح والثواب والعقاب.... فى الأمم الجادة مثل الصين يلتزمون وينفذون .... مازلنا نحن نجامل على حساب من الأصغر والأضعف ومن ليس له أجنحة من نفوذ سلطة أو مال ولنعود نؤكد المؤكد أنه لم يقم المصريون بثورتهم فى 25 يناير وعادوا وخرجوا واستردوها فى 30/6 ليتواصل شكل من أسوأ أشكال الفساد فى مصر وتظل مراكز قوى وأصحاب سلطة ونفوذ.. يتحكمون فى اختيار ودعم قيادات لا تصلح فى كثير من مؤسسات الدولة وتمنع الأكثر استحقاقا وصلاحية وتحمى فاسدين ومزورين ومتلاعبين فى المال العام بدلا من أن تذهب بهم جرائمهم إلى النائب العام!!نحتاج قواعد جديدة منضبطة ومستقيمة وعادلة فى اختيار القيادات... قواعد توقف مواصلة اختيارات تنتهك القانون والحقوق العادلة للأكثر استحقاقا لها واستقواء بقربى لأصحاب سلطة أو نفوذ وباسم القانون!!
< للقراء الأعزاء الذين اهتموا بمتابعة قضية المعلمة والمربية الفاضلة أ. هدى صالح وهل عادت الى موقعها مديرة لمدرسة البنات الثانوية ـ أطمئنهم أنه عندما توجد قيادة أمنية ومحافظ صاحب قرار ينتصر للحق ولصحيح القانون مثل اللواء عادل الغضبان، فالمربية الفاضلة بإذن الله عائدة الى قيادة مدرستها ـ ولم تكن قضيتى فقط الدفاع عن حق مربية ومعلمة فاضلة وكرامة المعلم فى زمن انهيار التعليم وضرورة الدفاع عن جميع النماذج الناجحة والمشرفة مع ذلك كان مقصدى الأول الدفاع عن كرامة وطن عظيم مثل مصر يجب ألا يسمح فيه باتتهاك حقوق وكرامة أبنائه غير المتسببين أو المنتسبين لنفوذ أو فساد قربى لأصحاب سلطة!!
< قولوا لنا من خلال علماء حكماء عقلاء مستنيرين مامعنى ازدراء الأديان وحتى لايظل يطارد الفكر والرأى والخيال بوصف غامض ملتبس يتيح لكل خائف من إطلاق حرية الفكر والتعبير أن يطارد ويحبس أصحابهم بدلا من أن يمتلك قدرة مقارعة الفكر بالفكر والرأى بالرأى مافهمته مما نشر من تدوينة الكاتبة فاطمة ناعوت أنها اختلفت واستبشعت مايمارسه بعض المسلمين من قسوة وعنف فى وقائع نحر الأضحية... فى الأوطان المحترمة ومصر واحدة منها لايوضع قانون العقوبات فوق الدستور ويحترم العلماء الأجلاء حرية الرأى والتعبير مهما اختلف.