سناء السعيد
بدون رتوش- وفاز بالصفقة الجسور
سيظل تاريخ 16 يناير معلما رئيسيا بالنسبة لايران يجسد انطلاقتها نحو مرحلة جديدة بعد انتهاء عزلتها مع دخول الاتفاق النووى حيز التنفيذ ورفع العقوبات المفروضة عليها منذ 36 عاما. لقد انتصرت إيران اليوم وأضحت كل المؤشرات تكاد تجزم بعمق تأثير ما جرى من تطورات ايجابية فى أعقاب توقيع الاتفاق النووى بينها وبين السداسية الدولية. ومن ثم كان تنفيذه حدثا جللا يؤرخ لايران أخرى أكثر قوة وأكثر اقتدارا على تحقيق طموحاتها.
لم تتخل إيران عن الثوابت التى اعتنقتها، ولم تتراجع عن حقوقها ولم تضعف حتى وهى تحت الحصار والحظر. بدت قوية شديدة المراس ويكفى أنها كانت من كبار المصدرين للنفط والغاز ومن أوائل الدول فى انتاج السيارات وفى صناعة المعدات وغيرها. خاضت مفاوضات ماراثونية صعبة مع السداسية الدولية وخرجت منها منتصرة بعد أن حققت عبرها ما تريده. لم تخضع للقوة السداسية العالمية وانما استطاعت بارادتها القوية أن تصل إلى ما تريد واضطرت الدول الكبرى إلى الرضوخ لها فى النهاية. استطاعت إيران تسيير دفة الأمور بحرفية فى ميادين كثر وأمكنها أن تخرج من عنق الزجاجة وتنجز اتفاقا يرضيها ويرضى شعبها. اليوم وبعد تنفيذ الاتفاق النووى باتت ايران ندا لسداسية الدول الكبرى فى العالم وخرجت من المعركة فائزة، فلقد عادت لها الأموال المجمدة فى الخارج، وستظل محتفظة بطاقتها النووية السلمية، وستظل محتفظة بقدراتها الصاروخية العسكرية، وفتحت الأبواب أمام بيع نفطها فى الأسواق بانتاج يومى يصل إلى نصف مليون برميل.
سعت إيران من خلال أول جولة أوروبية للرئيس «روحانى» ــ 25 / 28 ينايرــ شملت ايطاليا وفرنسا إلى إعادة طهران إلى الخريطة الاقتصادية، فتم التوقيع على العديد من الصفقات، ففى ايطاليا وقعت أربع عشرة اتفاقية تجارية واقتصادية بلغ حجمها سبعة عشر مليار يورو، وفى فرنسا أكملت الأجندة الاقتصادية حيث وقع «روحانى» عشرات الاتفاقيات بقيمة 33 مليار دولار، وقد وقع عقدا مع شركة ايرباص لشراء 114 طائرة مدنية فضلا عن توقيع عقود مهمة من بينها عقود مع شركتى بيجو ورينو لصناعة السيارات. الجدير بالذكر أنه وفى أعقاب توقيع الاتفاق النووى أعلنت العديد من الشركات الأوروبية من بينها «ايرباص» و«توتال» و«شيل» و«انبى» استعدادها للعمل فى إيران وابرام صفقلت معها تصل قيمتها إلى عدة مليارات من الدولارات.
وما من شك فى أن إيران بعد هذه القفزة التى حققتها سيزداد دورها حضورا فى المنطقة مما سيزيدها قوة واقتدارا فى جميع الميادين. إنها الارادة الصلبة التى أوصلتها إلى تحقيق ما تريد دون عنت أو جهد. وبالتالى فإن إيران بذلك تعد نموذجا حيا لكل من أراد احراز النجاح والتقدم. إنها عن حق النموذج الذى يتعين على الدول العربية الاقتداء به والحذو حذوه، فهل تحدث المعجزة وتمتلك الدول العربية الارادة الصلدة وتتحرك نحو الانجاز لكى تفوز بالصفقات....؟