بالطبع حرية الرأي والتعبير ليست مرادفا للبذاءة والتطاول. وليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالهجوم علي الآخرين أو الازدراء منهم أو التهكم عليهم. خاصة لو كان هذا التطاول من أناس يعلمون جيدا قامة وقيمة المؤسسة أو الشخص الذين يوجهون لهم سهام حقدهم والتي بالتأكيد سترتد اليهم عاجلا أم آجلا.
وما يتعرض له الأزهر الشريف من هجوم ضار يؤكد كراهية هؤلاء للاسلام بالرغم من انه المؤسسة "الأزهر" الأكثر اعتدالا وحفاظا علي وسطية الاسلام بعيدا عن التشديد أو التفريط. وكان الأزهر علي مدار أكثر من ألف عام وسيظل منارة للمسلمين في كل بلاد العالم يبث ضوءه وعلمه الي كل مريد وباحث عن علم ديني أو دنيوي.
والدليل علي أن هؤلاء المتطاولين هدفهم النيل من الاسلام والاساءة اليه انهم كانوا أول الباحثين عن دورالأزهر الشريف أيام حكم الاخوان يطلبون تدخله وانقاذ البلاد من جهل المتأسلمين. والأزهر نفسه لم يتغير بل مواقف هؤلاء التي تدعو الي الريبة هي التي تغيرت مما يؤكد علي وجود أهداف خبيثة يخططون لها ويسعون اليها.
ان الهجوم علي الأزهر الشريف في هذا الوقت شديد الحساسية له انعكاسات خطيرة علي انتشار الارهاب وتفكير المتشددين خاصة وان هذا التطاول قد ينتج عنه موجات من الالحاد والزندقة والتحلل والمصريون حتي وان لم يلتزموا بصحيح الاسلام كما ينبغي الا انهم يحبون دينهم ويتمسكون به وعلي استعداد للتضحية من أجله. وآراء هؤلاء المتطاولين تعطي الارهابيين الفرصة علي طبق من ذهب لنشر فكرهم وتنفيذ مخططاتهم.
لم ينس العلمانيون والمتطاولون الهجوم علي فضيلة شيخ الأزهر د.أحمد الطيب متناسين أدواره الوطنية في محاربة الفكر الارهابي والمتشدد. ودوره الأكبر خلال ثورة 30 يونيه في تصحيح صورة الاسلام التي أساء اليها المسيئون والمتأسلمون. كما سن المتطاولون هجوما ضاريا علي مناهج الأزهر بزعم انها مفرخة الارهاب وانها تحتاج للنسف حتي وصل الشطط بالبعض بالمطالبة بادراج الأزهر ضمن المؤسسات الارهابية.
الي كل المهاجمين والمتطاولين علي الأزهر الشريف ومناهجه نقول ان هذه المناهج التي تهاجمونها تخرج من تحتها مشايخ أجلاء ملأوا الدنيا بعلمهم تركوا لنا كتبا ينهل منها الآلاف في كل بقاع الأرض والمساحة تتضاءل أمام ذكر ولو عدد بسيط من أسمائهم.. فهل سمعتم عن ارهابي تخرج من الأزهر الشريف؟!.. ومع ذلك الأزهر الشريف لا يتواني اطلاقا عن تنقيح وتجديد مناهجه بما يتوافق مع كتاب الله وسنة رسوله.
وأقول أيضا للمهاجمين والمتطاولين أعيدوا قراءة التاريخ مرة أخري لتعرفوا دور الأزهر الوطني قبل دوره الديني فقد كان منبعا للوطنية وممارسة السياسة.. فهل ما فعله الأزهر ومشايخه وطلابه مع الحملة الفرنسية يخفي علي أحد.. فثورتا القاهرة الأولي والثانية ضد الحملة الفرنسية خرجتا من الأزهر الشريف وتحمل مشايخه تبعات فشلهما بالانتقام والتنكيل بهم. وأيضا مواجهة التتار بدأت من الأزهر في ظل فترة عصيبة مليئة بالاضطرابات والاغتيالات. والأزهر ورجاله هم من استطاعوا تجييش المصريين لمواجهة التتار.. فهل بعد كل ذلك نقول ان الأزهر منبع الارهاب؟!.. "كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا" فتعالوا نتعلم النقد والتعبير عن الرأي بدون تجاوز في حق الآخرين.. ونفكر في الكلمة قبل أن نخرجها ونتذكر بل ونقدم حقوق الآخرين علي حقوقنا.. خاصة وأن الكلمة أمانة. و"رب كلمة لا تلقي لها بالاً تهوي بك سبعين خريفا في نار جهنم" كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم.