محمد جبريل
ع البحري -مشية الغراب في المدن السياحية!
أتأمل- في الفضائيات- إعلانات المدن الجديدة.. الاسماء أوروبية. والنسق الذي تعد المشاهد بالعيش فيه أوروبي كذلك. الالحاح علي نمط الحياة الغربي في كل شيء. حتي ما قد يبدو مغايراً لطبيعة الحياة في بلادنا. حتي أسماء المؤسسات ولافتات المحال والاعلانات لغتها الانجليزية أو العربية بحروف لاتينية!
الزوج- في إعلان الفضائيات- يبدي سعادته لأن الاصابة التي كسرت ساقه اتاحت له أن يقيم في المدينة الاوروبية الطابع. ويدعو زوجته لبيع شقتهما داخل القاهرة. واللحاق به في المدينة ذات التسمية الاوروبية!
نتحدث عن المناطق السياحية. وهي مناطق تعكس الاحلام التي تتحقق بما يراه السائح في بلاده. بما يعيشه في مجتمعها. وما يمليه المناخ والتقاليد والعادات.
نمط الحياة الذي تعيشه القارة العجوز. هو صورتها أمام العالم. باريس ولندن وروما وفينسيا ومرسيليا وغيرها من مدن الغرب هي مدن أصحابها. نشاهدها بعيني السائح الذي يتعرف إلي المغاير لما يعيشه في بلاده.
العكس في بلادنا- بالنسبة للسائح الأوروبي- صحيح. إنه يسعي إلي العيش في التراث المصري القديم. والتراث الاسلامي والعربي في العمارة. وفي مظاهر الحياة.
لا تقلدوا عمارة الغرب. فعند أهله الكثير مما نحاول تقليده. قدموا للأجنبي ما يجد فيه تعبيراً عن أصالة البلد الذي يزوره. عن تاريخه وحضارته.. ذلك ما يطالعنا في عمارة الشرق الاقصي. ثمة مدن الحداثة بأنساقها التي قد تحاكي- لأسباب عملية- أنساق العمارة الاوروبية. وثمة- في المقابل- مدن البيئة الشرقية التي تحسن التعبير عن مقوماتها وخصائصها.
ألغينا المشربية والشباك المرتفع والحرص علي مصادر التهوية. واستبدلنا بها نوافذ زجاجية لاتمنع حر الصيف ولا برد الشتاء!
لكل بيئة ظروفها التي تفرض احتياجات الحياة اليومية. أعجب- مثلاً- للكتاب الذين يحرصون علي طباعة كتبهم في الورق الابيض المصقول لأنه أشيك. قد يكون القارئ الغربي في حاجة إلي هذا النوع من الورق استجابة للجو الضبابي الغائم معظم أيام السنة. أما في بلادنا. فإن قراءة الورق الابيض تبدو صعبة في ضوء الشمس.
جربوا!
أذكر صيحة المدرسة الحديثة في أوائل القرن العشرين: نعم للأصالة. لا للتقليد والمحاكاة. الاصالة هي الوجه الذي ينبغي ان نطالع به العالم. التقليد- لأنه لا يصدر عن الاصالة- يقلد مشية الغراب لما أراد أن يقلد الطاووس!