الوفد
علاء عريبى
رؤي- خطاب العلمانيين الديني
هل للعلمانيين أو الأيديولوجيين خطاب دينى؟، هل فى مصر والبلدان العربية خطاب دينى للمتأسلمين وسدنة المؤسسات الدينية، وخطاب دينى آخر للعلمانيين والأيديولوجيين؟، هل خطاب العلمانيين والأيديولوجيين هو الذي يدفع المواطن البسيط إلى اللجوء لأصحاب الخطاب الديني المتشدد؟، هل تصرفاتهم وكتاباتهم وتصريحاتهم هي التي تشجع السلفيين وأصحاب الخطاب الديني المتشدد على تكفيرهم؟، هل هناك بعض النخب يستفزون الجماعات الدينية بحثا عن شهرة؟.
بداية تعالوا نتفق أن مصر والبلدان العربية يوجد بها، ومنذ عقود طويلة، العديد من الخطابات الدينية، أغلبها منقول من الموروث الفقهي، نقله أو انتقاه سدنة المؤسسات الدينية الحكومية، وهم فئة الموظفين فى الهيئات الدينية التابعة للنظام الحاكم، خرج عن هذا الخطاب خطابات أخرى أنتجها بعض المتأسلمين، وفى مجملها تختلف فى بعض المسائل الشرعية المرتبطة بالولاية والحكم، على الطرف الأخر يجلس من يسمون بالنخب، وهؤلاء أغلبهم لا يمتلك أية أدوات شرعية أو فقهية تمكنهم من إنتاج أو نقل أو نحت خطاب دينى مغاير لخطاب السدنة والمتأسلمين، بل لديهم بعض القراءات المحدودة التى تعين بعضهم على الحياة، ومعظم هذه الشريحة ينتسبون لأيديولوجيات بعينها، وهذا الفريق العلمانى الأيديولوجي يرفض سيطرة السدنة والمتأسلمين على إنتاجه وفكره، كما يرفض تماما محاولات السدنة والمتأسلمين لتدجينه وإدخاله تحت سقف الخطاب الدينى الحكومى أو المتأسلم، ورفضهم هذا يعود إلى تعارض بعض المسائل الفقهية مع فكرهم وإنتاجهم وسلوكياتهم وعاداتهم، من هنا ينشب الصراع بين الفريقين على فترات متفاوتة، يشطح أحد الأيديولوجيين فى فكره أو فنه أو كتاباته أو تصريحاته أو سلوكياته، فيستفز السدنة والمتأسلمين وتشتعل المعركة.
فى الغالب من يشطحون بفكرهم من الأيديولوجيين أو العلمانيين هم مجرد أفراد أو مجموعات تبحث عن شهرة، يختلقون مواجهات وهمية لكى يحصلوا على صك تكفير يلقى الضوء عليهم أو يجعلهم تحت الضوء، وهؤلاء ليسوا أبناء اليوم بل أبناء النظام والمصلحة الشخصية، منذ الثمانينات ووسائل الإعلام لا تخلوا من بعض هذه الشخصيات النفعية ، والذي يرجع إلى الصحف خلال السنوات العشر الماضية سيتعثر بالعديد ممن ينتسبون لأحزاب وأفكار يسارية، اختلقوا العديد من الوقائع التي استفزت المواطن البسيط قبل أن تستفز أصحاب الخطاب الديني، وأن بعضهم يتجاوز الحد عند تعرضه لمسائل فقهية تحت زعم حرية العقيدة أو حرية الإبداع، صحيح أن في الصف المواجه بعض شخصيات منسوبة لتيارات دينية حكومية وغير حكومية برمجت على التشدد ولغة التكفير، لكن هذا لا يعنى أن نترك الساحة للبعض يختلقون الوقائع والمواجهات بغرض الشهرة أو تحقيق مصلحة بعينها.
والأمثلة فى هذا السياق متعددة ومتنوعة وأغلبها يفتعله بعض الباحثين عن شهرة من التيار غير المتأسلم، والملفت أن معظم الوقائع يثيرها من لا يمتلكون أدوات تعينهم على الدخول فى حوار مع المشتغلين بالديانة أو المنتسبين للتيارات المتأسلمة، وفى المجمل يعتمدون فى شطحاتهم على ما اصطلحوا وتعارفوا واتفقوا عليه بـ «حرية الفكر«، و»حرية الإبداع «.
فيرفع الأيديولوجي راية الحريات ويشهر السدنة والمنتسبين للخطاب المتأسلم أدواتهم التى تجهض أية خروج عن السائد فى الخطاب الديني، وفى النهاية ينتصر السدنة وأعوانهم وتزداد شوكتهم وقوتهم، ويشعر المواطن البسيط أن الأيديولوجيين يحاولون الانحراف بالخطاب الديني أو أنهم يحاولون إيجاد خطاب دينى يتوافق وحرياتهم أو قناعاتهم أو إلحاد بعضهم.
على أية حال البلاد ليست في حاجة إلى الانتهازيين من متبنى الفكر الايديولوجى، ولا إلى المتشددين من متبنى الخطاب الديني، وعلينا ألا ننجر خلف وقائعهم المختلقة، لأن كل من الفريقين يمثل عقبة أمام استقرار هذا الوطن، مصر والمنطقة العربية بشكل عام تحتاج إلى خطاب دينى جديد ينتشلها من سدنة الديانة ومن بعض الانتهازيين الذين يرفعون راية العلمانية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف