مؤمن الهباء
شهادة -حوار عربي - إيراني
الدعوة المفتوحة التي وجهها الصديق الدكتور إبراهيم البحراوي لفتح الأبواب لإجراء حوار عربي - إيراني بهدف وقف النزيف الإسلامي تستحق التحية والتقدير.. وتستحق قبل ذلك من كل مخلص أن يؤيدها ويستجيب لها ويتضامن معها.. رغم ما نعانيه من التدخلات الإيرانية في أراضي وشئون دول عربية عديدة: العراق وسوريا والسعودية واليمن والإمارات والبحرين.. فالخطر الأكبر أن نظل في حالة صراع واستنزاف وحروب في أكثر من جبهة مع الجيران.
لقد رأي الدكتور البحراوي أن من واجبه كأكاديمي مصري وعربي ومسلم أن يتوجه بهذه الدعوة المفتوحة عبر مقاله بـ "المصري اليوم" الخميس الماضي تحت عنوان "دعوة لحوار عربي - إيراني لوقف النزيف الإسلامي".. لم تصدر الدعوة عن عاطفة أو هوي أو ميل قلبي.. أو ضعف إلمام بطبيعة الصراعات القائمة في المنطقة ومع إيران تحديداً.. أو تقليل من المخاطر والأطماع الإيرانية.. كلا.. وإنما صدرت عن إدراك كامل بكل ما يحيط بأمتنا من تهديدات.. وعدم توازن القوي حالياً لصالح إيران.. وإدراك كامل بأن هذه الدعوة تمثل خطوة أولي في مشوار سيطول إلي أن نتمكن من إطلاق حوار متكافئ والتوصل إلي نقطة بداية لهذا الحوار.
هل يمكن أن يستجيب الطرف الآخر.. وهل يمكن أن يكون الحوار مجدياً؟!
يقول د. البحراوي إن دروس السياسة الدولية والتاريخ تفيد بداهة أنك لا تستطيع من موقف الضعف أن تحصل علي حوار متكافئ مع طرف أقوي.. وأن عليك أن تمهد للحوار علي موائد التفاوض والحديث بتغيير موازين القوي علي الأرض ليقتنع الطرف الآخر بأحقيتك في هذا الحوار.. إذن نحن ندرك أن المشوار سيطول لكي نصل لبداية الحوار والتفاوض الحكومي الرسمي بين العرب وإيران.
في مرحلة التمهيد للحوار يدعو الدكتور البحراوي إلي محاولة فتح قناة أكاديمية لجس النبض وشرح المواقف وتحضير العقول وتمهيد الأجواء.. لعلنا نفتح ثغرة في الآذان الصماء في إيران.. ولن نخسر شيئاً إذا ما نجحنا في فتح هذه القناة التي لن يتم فتحها بالطبع إلا إذا وافقت الحكومات العربية والإيرانية.. حيث أنه ليس في مقدور الأكاديميين العرب والإيرانيين المعنيين التحرك في هذا الاتجاه بدون مباركة من حكوماتهم.
ثم تأتي النقطة التالية - الأهم - وهي أن يتم بلورة رؤية عربية شاملة في حوار داخلي يوضح الأهداف العربية المرجوة من الحوار مع الإيرانيين وأن نعلنها في وسائل الإعلام ليلتقطها الإيرانيون فيحددوا رؤيتهم المقابلة لها.. وهنا يطرح د. البحراوي تصوره المبدئي للرؤية العربية التي تهدف إلي:
1- وقف نزيف القوي في ساحات الصراع العسكري الدامي وتحويلها إلي مسارات التنمية والنهضة للطرفين.
2- ترشيد الاندفاع القومي الفارسي في إيران نحو التوسع في دول الجوار العربي وذلك بالانتصار لمشاعر الأخوة الإسلامية.
3- وقف التأثيرات المستفزة والضارة للنفس الثوري الإيراني الذي يتمثل في مفهوم تصدير الثورة وتمثيل الشيعة العرب.
4- كسب إيران كدولة جوار حسن تسير العلاقات العربية معها علي أساس الاحترام المتبادل للسيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للطرفين وتعميق الثقة المشتركة.
5- فتح أبواب التعاون المثمر وصولاً إلي التنسيق والتحالف لمواجهة الأخطار المحيقة بالأمتين العربية والإسلامية.
بهذه الأهداف الخمسة يدعو د. إبراهيم البحراوي إلي فتح حوار جاد وواع مع إيران مدركاً الصعوبة والخطورة التي تعترض هذه الدعوة.. وربما من حسن المصادفات أن تأتي دعوته متزامنة مع الجلسة الخاصة التي عقدها وزراء الخارجية العرب في الإمارات بعيداً عن الإعلام لبحث كيفية إدارة العلاقات العربية الإيرانية في المرحلة القادمة.
والحقيقة أننا في حاجة ماسة إلي هذا الحوار العقلاني ليس مع إيران وحدها وإنما مع دول الجوار العربي جميعا: تركيا وتشاد واثيوبيا.. حتي لا تكون حدودنا كلها مشتعلة بالعدواة والصراعات.. وهي الدعوة التي طرحها نبيل العربي أمين الجامعة العربية منذ 5 سنوات ثم ذهبت أدراج الرياح.