الوطن
د. محمود خليل
اختبار «سجن مبارك وأنجاله»
كشفت مصادر قضائية لجريدة «الوطن» أن محكمة النقض قبلت طعن النيابة العامة على حكم «الجنايات» بالإفراج عن «جمال وعلاء» مبارك فى قضية القصور الرئاسية. واستند قبول الطعن إلى ما أكدته النيابة من أن النجلين ما زال أمامهما 8 أشهر حبس، بعد حساب مدة الحبس الاحتياطى التى قضياها أثناء محاكمتهما، حتى يستكملا تنفيذ حكم حبسهما 3 سنوات بعد إدانتهما وأبيهما بحكم بات أكد أنهم نهبوا 125 مليون جنيه من مال الشعب.

العدالة فى اختبار. فهل يتم سجن «جمال وعلاء» تطبيقاً لحكم القضاء أم لا؟ عموماً نحن نثق فى عدالتنا، لكن طرح السؤال يرتبط بسؤال آخر يتعلق بـ«مبارك» نفسه. فقد نال الحكم نفسه فى قضية القصور الرئاسية، والمفترض أن يقضى عقوبة السجن 3 سنوات كاملة غير منقوصة. فهل فعل؟ وهل ينطبق عليه ما ينطبق على اللصين الصغيرين؟ العدالة فى اختبار.. ولا بد أن يقضى الثلاثة مدة السجن كما قضت المحكمة، وأن يدخلوا الزنازين، شأنهم شأن غيرهم. فلا يوجد فى تطبيق القانون «خيار وفقوس». واحترام أحكام القضاء أمر واجب، وعلى الجهات المعنية أن تبادر إلى تنفيذه. وفى هذا السياق، لا يوجد معنى لأن يقضى «مبارك» العقوبة المقررة عليه فى جناح خاص بمستشفى. الدستور ينص على عدم التمييز، والمصريون جميعاً سواء، ذلك ما يجب أن تثبته لنا السلطة الحاكمة، ولا نتوقع منها أقل من ذلك.

أعلم أن البعض سوف يهاجمنى قائلاً: قدّر المرحلة العمرية لـ«مبارك»، فقد بلغ من الكبر عتياً وتجاوز الـ85. ومع تقديرى الكامل لمشاعر المهاجمين فإننى أتحفظ عليها من زاويتين، أولاهما أن هناك من يماثله فى السن -وربما يزيد- يقضى الآن عقوبة السجن بأحكام قضائية. ولعلك تذكر ذلك الخبر الذى نشرته الصحف والخاص بمطالبة عدد من أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان بالعفو عن المساجين الذين تجاوزوا الثمانين من العمر، ومن بينهم قيادات إخوانية فى مثل عمر مبارك. ووجود هؤلاء خلف القضبان يؤكد أن العدالة لدينا صارمة راسخة لا تهتز، وحبذا لو طُبقت على الجميع، ووضع «مبارك» فى السجن، إذا كان له مدة متبقية -أو كاملة- فى قضية القصور الرئاسية.

«مبارك» طاعن فى السن، لكن لا تنسَ أنه «طاعن فى الحكم» أيضاً، وذلك هو التحفظ الثانى على غضب البعض من تطبيق حكم القضاء عليه. فقد قضى ثلاثين عاماً على كرسى الرئاسة، تراكمت خلالها مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية ومعيشية لا حصر لها. ولو أنك تأملت طريقة حكم «مبارك» القائمة على الفساد والاستبداد طيلة هذه العقود الثلاثة، فسوف تدرك أن كل ما نعانيه من مشكلات حالية لا تجد جذورها فقط فى فترة حكمه، بل كنا سنصل إليها حتماً، سواء قامت ثورة يناير أو لم تقُم. ولست أريد أن أجرح مشاعر المتعاطفين ضد فكرة تطبيق العدالة على الجميع، بمن فيهم «مبارك»، بكلام عن المحترقين فى قطار العياط، أو الغارقين فى عبّارة السلام، أو المدفونين تحت صخور المقطم، أحيل هؤلاء إلى موقع يوتيوب ليشاهدوا بعض الفيديوهات المتعلقة بهذه الأحداث، علّهم يفكرون قليلاً فى «مبارك الطاعن فى الحكم»، قبل أن يثرثروا بأحاديث عن «مبارك الطاعن فى السن».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف