آخر ساعة
هالة فؤاد
ضربة قلم .. حاكموا الجميع
من السهل أن نرتدي ثوب الفضيلة فنحكم علي ما فعله أحمد مالك وشادي حسين بأنه «قلة أدب»، ومن السهل أن نرتدي ثوب الواعظين فنطلب من آبائهم « إعادة تربيتهم «، ومن السهل أن نرتدي ثوب الناصحين فنطلب منهم «الاعتذار علي مابدر منهم من إساءة في حق رجال الشرطة!! من السهل أن ندينهم ونرد لهم الإساءة مضاعفة، كما تطوّع بعض مقدمي «التوك شو» ووصفوا مافعلاه بأنه مقزز منفلت متبجح منحط!! من السهل أن نتسرع مثلهم بالإدانة، لكن من الصعب أن نرتدي ثوب الحكماء ونبحث عن الأسباب التي دفعت مالك وشادي إلي الإقدام علي السخرية من الشرطة بهذه الطريقة؟ من الصعب أن نضع أنفسنا مكانهم. من الصعب أن نلتمس لهم العذر لأننا لم نعش تجربتهم ولم نعانِ آلامهم ولم نمر بمحنتهم ولم نتجرع إحباطاتهم. يراهم البعض كما يرون شبابا كثيرا مثلهم منفلتين.. هل تستريح ضمائر هؤلاء لو حكمنا علي مالك وشادي بالإدانة؟ هل تهدأ ثورتهم لو عاقبناهم بشدة ليكونوا عظة لغيرهم؟ في ظني أن ذلك لن يحدث، ومن الخطأ بل من الخطر توقع أن تأتي الإدانة والعقاب بالنتيجة المرجوة، والعكس تماما هو الصحيح. ربما يعتذر مالك ويُعاقب شادي أو يختفي صوته للأبد، لكن من المؤكد أن أصواتا غيره ستعلو بشكل أكثر حدة وأكثر سخرية وأشد تجاوزا وانفلاتا وتبجحا. لن تهدأ حدة سخرية الشباب وتهكمه لأنهم ببساطة شعروا بضياع الحلم. أسقطوا نظاما فاسدا فإذا بفلوله تخرج عليهم من كل مكان.. فضائيات، برلمان، أحزاب، سياسيين يصفون ثورتهم بالنكسة والمؤامرة ويتهمونهم بالعمالة والخيانة .حملة التشويه وطوفان حملات الاعتقال والاختفاء القسري كلها دفعت الشباب للانسحاب.. الصمت.. الانزواء منهم من كفر بالتغيير ومنهم مازال يعافر بالسخرية المرة أحيانا أو المنفلتة كما يصفها البعض أحيانا .إذا أردتم حقيقة معاقبة الشباب الساخر المنفلت عليكم أن تعاقبوا قبله كل مسئول أوصلهم لهذه الحالة من اليأس والإحباط والغضب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف