آخر ساعة
سلمى قاسم جودة
لحظة وعي .. من توفيق عكاشة إلي أحمد مالك يا وطني لاتحزن
فـــــي ذات اللحظة التي يحظي فيها الإعلامي، المثقف والممثل بمباهج الحياة وينهل من مفاتنها لايعرف الجندي المصري سوي بهجة الموت لكي تحيا مصر.. وبينما ينتقل هؤلاء من الأضواء المتلألئة للبلاتوه حيث (المكلمة) المزمنة والتنظير، والوعظ ومتلازمة الزعامة ومحاولات بث الفرقة في الشعب ونشر البلبلة، وبينما تتأنق وتتبرج المذيعة ويعربد الممثل المحبط من فرط الرفاهية من البلاتوه إلي الجاتوه!! ومن النادي في صقيع الشتاء إلي لهيب المدفأة حيث الفراش الوثير والقهوة الساخنة، والكل في انتظار المقابل المجزي، المكاسب الشاهقة وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور!! بينما تبتر الساق وتفقأ العيون المنجومة وتقدم الحياة قربانا للوطن، وتزغرد الأمهات الثكلي فالابن الفدائي يعانق الإرهابي لكي أعيش ولكن تعيش أيها الإعلامي المسكون بالطموح الباطش والجامح، فمن يريدون قطعة من الوطن، رشفة من السلطة أو كلها كثر، ولاشيء يهم سوي الرقص علي جثة الوطن فكل شيء أصبح مباحا، الجنود.. الضباط.. هم في العراء.. الخواء.. القيظ والصقيع علي إيقاعات البارود والقنابل يترنمون بعشق الوطن بينما كل آخر يقتفي أثر عشقه لذاته ويحسب العطاء للوطن وهو الجسد الأعظم والأسمي فهل ننتظر الثمن عندما نحافظ ونحمي أجسادنا؟؟!!
«إن الأوطان تحيا بموت الأبطال» تلك هي كلمات نجيب محفوظ في (بداية ونهاية) وأرجع ما سطره أورويل في (1984): «لن يكون هناك فرق بين الجمال والقبح».
حالة د. عكاشة
لم أكتب عنه أثناء فترة حظر ظهوره علي الشاشة، فهذا لا يليق أما اليوم فالنقد البناء، الموضوعي هو بمثابة الواجب الوطني ونحن نمر بمحنة عاتية، مؤامرة كونية وحرب من الداخل والخارج، أتابع برنامجه منذ سنوات ولست وحدي، فالذين يتابعونه من كل الفئات والطبقات خاصة أنه أثناء حكم الجماعات الإرهابية قام بدور مؤثر فاستطاع أن يصل إلي كل فئات الشعب البسيط المغيب آنذاك بفعل غسيل المخ الذي خضع له من عشرات السنين ولكن كل شيء تغير وتحول فبعد أن عنونت مقالي: «أهمية أن تكون توفيق عكاشة» أصبح العنوان (حالة د. عكاشة) فلقد أصاب الرجل ما يسمي (بالميتامورفوز) وهو التحول الجذري وبدأت الحالة للأسف تتفاقم، وتلقيت العديد من الملاحظات من الأصدقاء والمعارف وهم في دهشة هل هو كما يقول نجيب محفوظ: «تخففوا من غلواء الطموح الدنيوي وارضوا من الدنيا بما تجود به أما الشوق للحقيقة فلا ترسموا له حدا»!.. إن تأثير الإعلامي علي الضمير الجمعي والوعي الشعبي أهم من أي منصب.
سأبدأ من الحلقة الأخيرة قال: «حد يقولي الدولة بتعمل معايا كده ليه؟ أنا حقولك وناس كتير بيقولوا، ثم أعلن أنه لن يعطي صوته للرئيس السيسي وأقول إنه في المقابل هناك عشرات الملايين سيصوتون له لأنه أنقذ مصر من الاحتلال الإرهابي، لأنه أنقد الشعب من الشتات والمصير البشع لجيراننا، لأنه يطهر الأوصال في سيناء، ويدك الأنفاق التي ترعرعت تحت حكم مبارك لأنه يعد ويفي بالوعود، 80% من مشاكل الأمن حسمت، مشكلة الكهرباء، رأب الصدع الأفريقي مشروع القناة، دخول مصر مجلس الأمن وأيضا السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي، ينادي بتجديد الخطاب الديني، أول رئيس يفعل جوهر المواطنة ويذهب إلي الكاتدرائية، في عهده أول انتخابات برلمانية بدون تزوير وتدليس وأنت أصبحت نائبا، واكتظ البرلمان بالنساء والأقباط، بأصحاب الإمكانيات الخاصة والشباب، كل هذا بفضل عبد الفتاح السيسي، والشعب المصري الذي بدأ يتغير ويتشكل وعيه الجديد نتاج 25 يناير و30 يونيو وبفضل المؤسسة العسكرية، وتقول في ذات الحلقة إن السيسي يملك كل أجهزة الدولة وأعمدتها أما أنا فلا أمتلك أي شيء وأصحح كلامك هو يملك ثقة الشعب واحترامه، أما القلة القليلة أو الشوارد المارقة، أو خوارج الأوطان الذين يسعون لطعن ولتقويض السبيكة المجوهرة التي نحتاجها في تلك الحقبة العسيرة والخطرة.. فلا قيمة لها، الغريب أن د. عكاشة أنفق سنوات في التحذير من حروب الجيل الرابع والطابور الخامس فما الذي حدث؟ وفجأة في وسط الحلقة تم بث فقرة مريبة، خبيثة عن الراقصات والعاهرات الروسيات في مصر وإسرائيل لماذا يا د. توفيق ماهو الهدف وروسيا دولة صديقة لمصر وفقط السيسي وبوتين يحاربان الإرهاب ولا أحد منهما يدلع الإرهاب ويقول الإرهابي المعتدل والمتطرف (الكاجوال)!! ثم فجأة المذيعة حياة الدرديري تستشهد بتقرير فورين بوليسي وأصبحت أمريكا الأم الروحية للإرهاب في كل أرجاء الكون الفسيح هي المرجعية والأستاذ صلاح دياب الذي أنفقت أنت حلقات عديدة ومديدة في الهجوم عليه أصبح ضحية للنظام الحالي، ولا تعتمد علي فقدان الذاكرة والأمنيزيا المتفشية فربنا (يخلي لنا) جوجول ويوتيوب يدون ويوثق كل كلمة، فالمحو لم يعد من سمات هذا الزمان، و«النسيان لم يعد آفة حارتنا». وأصبحت عائلتك 4 ملايين فرد (ولاد عمومة) وتقول السيدة حياة إنك زعيم الأمة!! سعد زغلول يعني ونحن في انتظار أن تقول لها: «مافيش فايدة يا حياة». عندما كان إبراهيم محلب رئيسا للوزراء قلت عنه: «هو بالكتير ينفع سكرتير في المجلس»، وعندما غير الرئيس الوزارة بدأت في مدح فضائل وعظمة هذا الرجل الذي خسرته مصر والأمة بل العالم، وهو الذي جاءنا بوزير الثقافة المنتمي للتيارات إياها ثم وزير الزراعة الذي صور فساده صوتاً وصورة لتدافع عنه ولقد سعدنا أن يتم القبض عليه في ميدان التحرير أي ميدان الثورة في رسالة رمزية أن الدولة لن تتستر علي الفساد والشرفاء لايخافون فشرفهم يحميهم. وتعلن أن نظام مبارك جرف ودمر وخرب المجتمع، والحياة السياسية لمدة 15 عاما عجاف وفي ذات الجملة تؤكد أنه وجب تكريمه!!! لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا التناقض، الالتباس في ذات الجملة تقريبا يسمي (سكيزوفرازي)، أما مفجر الثورة وزعيم الأمة والعائلة التي تعدادها 4 ملايين أي وطن بأسره وتفوق العائلة الأباظية المشهورة بعراقتها وتعدادها، ورئاسة البرلمان والزمان والمكان والميدان والتباهي بالأرض والثروة يقع تحت طائلة (الميجالومينيا) أي داء العظمة وتعملق الأنا و(الميتومانيا) أو الولع بالقصص والحكايا وغزارة الخيال، إن من حولك ومن يحبونك وجب عليهم تقديم النصيحة المخلصة لك لأنك ستكون الخاسر في تلك المعركة الوهمية، فالذي يعطي ويهب من نفسه لا يمن ولا يعاير ولا ينتظر مقابلا منصبا أو عزومة ولا يذكر الآخر بما منح وكل من نزل الميادين والأزقة بل الشرفات حمل كفنه علي يديه من أجل ليلاه.. البهية.. المليحة مصر، لايعبأ هل سيكون المقابل رصاصة، قنبلة أو ربما زهرة بنفسج حزينة تقطر حزنا، وألما، ربما أسكرتك اللحظة فسقطت صريعا. أسيرا لنشوة المليونيات حيث صورتك محمولة علي الأعناق مع صور الزعماء وصوت المرأة ثورة، والمواطن الغلبان يذوب عشقا في مصر، اكتنز هذه اللحظات المجوهرة ولاتفسدها بالطموح الشبق وتكرار مافعلت من أجل مصر أيضا التلميح المريب لدخول العناصر الإرهابية لسيناء لايليق نعلم أن أمريكا كانت متأهبة للدخول مثل العراق والتقسيم الفوري فانحني المجلس العسكري للعاصفة المدمرة ليعبر الوطن، أما القول إنك وراء خسائر البورصة 64مليارا فهو العبث!!
عندما تتحول الثورة إلي دولة والفوضي إلي نظام وأننا لم نعد تحت حكم الجماعة فالسلوك يختلف خاصة في أوقات الحرب ولا أحد يحب أن يحاكي د. توفيق عكاشة مصير الشخصيات الإغريقية فهي تارة مأساة وتارة ملهاة وله تحليلات عميقة عن الماسونية والشركات عابرة القارات وهنا أذكر أسطورة (كاسندر) من ميثولوجيا الإغريقية كانت فتاة باهرة الجمال تشبه أفروديت الذهبية عشقها أبولون ومنحها هبة أن تتنبأ بالمستقبل في مقابل علاقتهما قبلت الفاتنة الهبة ولكنها رفضت الوصال, غاضبا بصق أبولون في فمها فأصبح الجميع لايصدق ما تقوله من حقائق ولقد تنبأت بحرب طروادة. إلي كل هؤلاء الرجوع إلي الوطن فضيلة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف