المساء
أحمد عمر
أصل الكلام -كوبري العواطف
علاقات الحب الفاشلة والقلوب الكسيرة كما الأوطان المنهكة بالفقر والتخلف وأنظمة الحكم المهترئة.. ستجد المشاعر المزيفة قاسماً مشتركاً بينها.. المشاعر ليست رشيدة للحكم علي الواقع واتخاذ القرار السليم لكن في بلادنا كما هو معلوم للكافة رشيدة لا تضع معايير واضحة لاختيار المسئولين.. مازلنا منذ عقود نكرر ذات الأخطاء وننحاز لاختيار أهل الثقة.. الولاء مقدم علي الخبرة.. الشهادات تغني عن التجربة.. والنتيجة الغرق في الفشل معظم الوقت.. صار لدينا جهاز إداري يبلغ تعداده 7 ملايين نسمة ونشكو من قلة الموظفين.. لكن الغلط من كوبري سوهاج فقد انهار بعد 7 شهور فقط ولم يمهل الفاسدين فرصة للابتعاد عن مسرح الجريمة.. الكوبري جري بناؤه في حماية لجنة مكافحة الفساد التي أسسها المحافظ السابق اللواء محمود عتيق وسار علي هديها المحافظ الحالي الدكتور أيمن عبدالمنعم.. لكن الكوبري هانت عليه عشرة اللواء والدكتور وظهرت عليه التشققات منذ 20 يوماً ثم سقط في لحظة رومانسية حالمة في سكون الليل البهيم لتسقط معه أوراق التوت تفضح عورات "إدارة الفساد" في المحليات.. حينما أعلنت الدولة عزمها علي مكافحة الفساد سارع المحافظون بتشكيل لجان لمكافحة.. وبالنظر إلي النتائج لا يبدو أنها تكافح إنما تقوم علي إدارة شئون الفساد ورعايته.
ہہ أولاد الحرام سطوا علي إنسانية أولاد الحلال كما "حرامي الغسيل".. أحياناً يرتدي الفاسدون مسوح الإنسانية لتخليص فاسد من قبضة العدالة بدعاوي من نوعية "حرام عليك ده صاحب عيال" لينتقل وزر الحرام من الجاني إلي من يمنعه.. وينقلب المنطق ويصيب العدالة ما أصاب طبقة الأوزون بفعل التلوث.. الفاسدون عصبة متساندة يبرر السكوت عن أحدهم التجاوز عن الآخرين تحت شعار "كلها كده".
وكما "الحمل الكاذب" انتج لنا الفساد والفشل "العطف الكاذب" لتمرير توظيف الفاشلين وصار لدينا تعيينات الشفقة التي أصابت الجهاز الإداري بالتخمة.. وظيفة للغلبان دون اعتبار لاحتياجات العمل ولا كفاءة هذا الغلبان.. لكن نفس هذا المسئول "العاطفي" لا تتحرك مشاعره الرقيقة أمام معاناة عاملين يقومون بواجبهم وواجبات الآخرين الفاشلين دونما حقوق أو تقدير.. لا تؤثر في قلبه ولا تحرك مشاعره الرقيقة ثقوب العدالة المشوهة ولا المساواة العمياء بين من يعملون ومن لا يعملون.
ہہ ويقدم كوبري سوهاج برهاناً جديداً علي أن تأثيرات الفساد تتجاوز إهدار الموارد إلي قتل التنمية واغتيال الأحلام والعبث بمقدرات وطن وحاضره ومستقبله.. صار ضرورياً تغليظ عقوبة الفساد إلي الإعدام.. ليس للفاسد فقط إنما للمهمل أيضاً ففي الإهمال الجسيم ما يرقي إلي مرتبة الفعل العمد.. وكما للفاسد فإن السكوت عن المهمل مشاركة خفية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف