الأهرام
مرسى عطا الله
كل يوم .. قانون التظاهر!
هذه الضجة المتكررة بين الحين والحين باسم الدعوة لإلغاء قانون تنظيم التظاهر تحمل فى طياتها الكثير من الريب والشكوك حول دوافع مطلقى هذه الصيحات لأن أحدا لم يقل بمصادرة حق التظاهر وإنما لابد من القبول بتنظيم إدارى وقانونى يحول دون تحول المظاهرات إلى فوضى وتسيب وانفلات.

ربما يكون صحيحا ومنطقيا الدعوة إلى مراجعة بعض مواد قانون تنظيم التظاهر بين الحين والحين حسب مقتضيات الحالة المصرية ولكن المرفوض شعبيا ورسميا هو إباحة حق التظاهر دون ضابط أو رابط لأن ذلك أمر ليس له وجود فى أعرق الدول الديمقراطية.

إن حق التظاهر أمر معترف به ضمن كراسة الممارسة الديمقراطية فى أى بلد ديمقراطى من خلال إطار زمانى ومكانى محدد بهدف إتاحة حق التعبير للمواطنين فى نقض ورفض السياسات الحكومية والدعوة إلى تغيير الحكومات عندما تتفاقم الأزمات ليس من خلال صنع الفوضى وإشعال الاضطرابات وإنما بهدف تحفيز الناخبين حينما يحين موعد الذهاب إلى صناديق الاقتراع لكى يصوتوا لأحزاب أو تيارات أو ائتلافات أخرى على أمل تدارك الأخطاء وتلبية الرغبات الشعبية فى الإصلاح والتغيير.

وهنا ينبغى القول بأننا بحاجة إلى فهم واستيعاب آليات ومنهجيات ثقافة التظاهر فى الدول الديمقراطية العريقة التى تضع خطا فاصلا بين حق المتظاهرين فى النزول إلى الشارع طبقا لتصاريح تحدد المكان والزمان وبين الدعوات غير المسئولة لنشر الفوضى وتعميم الاحتجاج والرغبة فى دفع البلاد باتجاه المجهول دون اعتبار لأهمية وضرورة الحفاظ على الدولة وحماية النسيج الاجتماعى من التمزق... وما أبعد المسافات بين حكومات ليست محصنة ضد التغيير والاستبدال وبين الدولة ومؤسساتها التى ينبغى حمايتها من عبث المراهقين السياسيين!

والذين استمعوا إلى نصيحة الرئيس عبد الفتاح السيسى للشعب التونسى «حافظوا على بلدكم» يدركون معنى النصيحة فالتظاهر والاحتجاج أمر مشروع ولكنه ليس هدفا بذاته.. وأمامنا نماذج مرعبة لأنظمة تهاوت ودول انهارت لمجرد أنها عجزت عن فهم واستيعاب آليات ومنهجيات ثقافة التظاهر والاحتجاج وانزلقت نحو الفوضى والاضطرابات ولم تتحسب لخطورة المجهول عندما يسيطر غضب الشارع ويغيب الحساب السياسى والاجتماعى الدقيق!

خير الكلام:

<< قوة المرء الحقيقية ليست فى عضلاته وإنما فى حجته!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف