الأخبار
محمد الأصمعى
حروف عاصفة - " يبقي أنت أكيد في مصر ! "
إذا رأيت مجنداً يضحي بنفسه من أجل إنقاذ زملائه لا تتحير، وإذا قرأت رسالة شهيد يسترخص دماءه فداء للوطن وهو يحارب الإرهاب فلا تتساءل كثيراً عن سر زهده في الحياة، وإذا وجدت أحد الشرفاء يرفض تقاضي مبلغ كبير علي سبيل الرشوة فلا تطرح الأسئلة حول ظروفه المالية وعائلته ومدي حاجته إلي المال.. وإذا رأيت والدة أحد الشهداء تريد أن يذهب ابنها الآخر إلي سيناء ليدافع عن الوطن بعد أن مات شقيقه، فلا تندهش كثيراً من الصبر الذي أفرغ عليها، وفقط قل علي كل ذلك " يبقي أنت أكيد في مصر ".. علي الجانب الآخر إذا شاهدت مقطع فيديو لمدرسين يتسلقون سور المدرسة للهروب قبل مواعيد العمل، لا تتعجب !.. إذا رأيت طالباً يتعدي بالضرب علي المعلم لا تندهش !.. إذا علمت أن معلماً ظل يضرب أحد الطلاب حتي الموت، فلا تكترث كثيراً، وإذا قرأت في الصحف أن كوبري سوهاج انهار قبل تشغيله، فلا تسأل عن الفساد، وإذا علمت أن جماعة الإخوان الإرهابية قد تحصل علي البراءات في الجرائم التي ارتكبتها في الليل، وفي وضح النهار فلا تسأل عن بطء إجراءات القضاء الطبيعي ولا ضرورة تعديل التشريعات لتناسب الحدث ولا اللجوء للمحاكمات العسكرية الناجزة.. فقط قل علي كل ما سبق " يبقي أنت أكيد في مصر ". الشعب المصري بالفعل بارع ومتفرد في الجمع بين المتناقضات، وبمناسبة الفيديو الذي بثته مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات حول تسلق مدرسين لسور إحدي المدارس بالشرقية فلا أعرف كيف سيواجه المعلم طلابه، وما هي القدوة التي سيقدمها لهم بعد أن تنازل طواعية عن دوره التربوي..ولا عجب إذا كنا قد رأينا الأهالي يطاردون المعلم وزملاءه وأصواتهم ترتفع " امسك معلم "، وكما قال المتنبي " وماذا بمصر من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكا " " يبقي أنت أكيد في مصر ".. مع الاعتذار للأغنية الوطنية الرائعة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف