الأهرام
عبد الغفار شكر
حق الشعب فى المعرفة
اصدر المستشار النائب العام قرارا بحظر النشر فى مقتل الشهيدة شيماء الصباغ، كما اصدر قرارات مماثلة بحظر النشر فى عدة قضايا اخرى.
وليس من شك ان هذا القرار من سلطة النائب العام حرصا على سلامة التحقيق ليتم دون ضغوط من الرأى العام او من اطراف اخرى لها صلة بمثل هذه القضايا لكن الشعب من حقه ان يعرف ما وصل اليه التحقيق، الامر الذى يتطلب صدور بيانات من النائب العام حول سير التحقيق كلما استجد فيه جديد لان الغموض وغياب المعلومات يجعل الشعب فى حيرة من امره ويكون نهبا للشائعات حينا واكثر ميلا لتقبل الشائعات حول التحقيق حينا آخر ويسهم هذا الوضع فى خلق مناخ اكثر ميلا للشك فى نوايا السلطات وعدم الثقة فى مواقف السلطات العامة ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعى والاعلام لا يمكن للسلطات ان تمنع تداول اخبار او معلومات بين المواطنين قد لا تكون صحيحة ولكنها فى ظل التكتم وغياب الحقائق تؤدى الى البلبلة وينعكس ذلك سلبا على الرأى العام.

ويستطيع اى مراقب للاحداث والتطورات فى مصر ان يلمس ميلا متزايدا للمواطنين تجاه السلطات العامة والشك فى نواياها على العكس من الوضع الذى تبادر فيه الحكومة ومؤسساتها المختلفة الى تزويد الرأى العام بالاخبار والحقائق حول تطور الاحداث فى المجتمع خاصة اننا نمر فى مرحلة عصيبة تشتد فيها ضراوة الارهاب وما تعيشه البلاد من ازمة سياسية حقيقية نتيجة صدور بعض القوانين التى تضيق المجال العام مما يؤدى الى انسحاب قطاعات من المجتمع من العمل العام والاهتمام بقضايا المجتمع ويكفى ان اشير هنا الى مثال واضح للمناخ السلبى القائم حاليا فى مصر الذى انعكس على اجتماع المجلس القومى لحقوق الانسان يوم 4 فبراير 2015 عندما بدأ يناقش الوضع العام فى المجتمع من زاوية حقوق الانسان حيث دارت مناقشات مهمة بدأت بالحديث عن قضية شيماء الصباغ وانها تشبه الى حد كبير قصة خالد سعيد التى كانت احد الاسباب المهمة فى قيام ثورة 25 يناير وان مثل هذه الاحداث تؤدى الى اثارة المواطنين وتوفر ارضا خصبة للمتربصين وانتهت المناقشات الى اتفاق اعضاء المجلس على ادانة حادث مقتل شيماء الصباغ وان هناك عودة لسياسة وزارة الداخلية لما قبل ثورة 25 يناير، وهناك ادلة وشواهد تشير الى ذلك منها مقتل مسجون بقسم روض الفرج بسبب التعذيب، ومقتل سائق بامبابة على يد ضابط. وقيام امين شرطة بقتل مواطن لانه استفزه، فضلا عن احتجاز 180 قاصرا بمعسكرات الامن المركزى وان هذه الوقائع تعدت مسألة الحوادث الفردية الى كونها تعبيرا عن سياسة عامة تنتهجها الاجهزة الامنية. وانتقد بعض السادة الاعضاء تأخر المجلس القومى لحقوق الانسان فى اصدار بيان صحفى فى حادث مقتل شيماء الصباغ ولا يكفى ما حدث بادراج فقرة عن هذا الحادث فى البيان الصادر عن ملتقى الجمعيات الاهلية مما دعا الاستاذ محمد فايق الى التأكيد على ان الامر كان ملتبسا فى يوم 24 يناير، حيث كانت هناك تهديدات شديدة من الاخوان المسلمين يوم 25 يناير وبالتالى قررنا الانتظار حتى تتضح الامور ويكون البيان اكثر دقة ونتيجة لمتابعة هذا الموضوع مع شخصيات موضع ثقة فان المجلس القومى لحقوق الانسان طلب فتح التحقيق مع الجميع للوصول الى الجانى ولكننا فوجئنا بقيام وزارة الداخلية بمحاولة تلفيق تهمة القتل للدكتور زهدى الشامى الذى اكتشفت النيابة العامة براءته واخلت سبيله وقد طالب عدد من اعضاء المجلس بتأكيد مسئولية الداخلية فى حادثة مقتل شيماء الصباغ واحتمال ان يكون احد افراد الامن هو الذى قام بذلك او ان قوات الامن لم تستطع حماية القتيلة رغم ان المظاهرة كانت سلمية وتتكون من 50 فردا فقط واكد هؤلاء الاعضاء ان قضية مقتل شيماء الصباغ لا تقبل المساومة، وهى محددة فى مساحة وزمن معلوم، ويجب الضغط لاصدار نتيجة التحقيقات فى اسرع وقت خاصة وان ما يحدث بيئة حاضنة للثورات ويزيد من اعداء النظام وهناك من يتعمد ذلك. وفى هذا السياق تناول بعض الاعضاء التراجع فى المجتمع للطلب على حقوق الانسان وتزايد الطلب على الامن والحقوق الاقتصادية وهو امر مخيف ويعصف بحقوق الانسان واكدوا على خطورة مثل هذه الاحداث على الداخل وصورة مصر بالخارج، فهذه الاعمال لا يمكن الدفاع عنها وليس لها مبرر وتزيد من هجوم المنظمات الدولية على مصر وانتهت المناقشات الى عدة اقتراحات منها اصدار بيان صحفى عن حادث مقتل شيماء الصباغ يؤكد اهمية الاسراع باعلان نتائج التحقيق ووضع مدى زمنى لهذا التحقيق والانضمام الى اسرة شيماء فى هذه القضية وفقا لاحكام الدستور التى تعطى المجلس القومى لحقوق الانسان هذا الحق اذا طلبت الاسرة ذلك والوقوف بشدة ضد تصاعد هذا الاتجاه فى المجتمع وحالات القتل والمعاملة السيئة فى الاقسام والتزام المجلس باعادة زيارة السجون للتعرف على اوضاع المسجونين فيها.

ان الدرس المستفاد من هذه التطورات هو احترام حق الشعب فى المعرفة واحاطة المواطنين علما اولا باول تجاه التطورات الجارية بالمجتمع وخاصة ما يتصل منها بحياة الناس.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف