نصف الدنيا
فاطمة ناعوت
محرابٌ ومذبح
في عيد الميلاد ٢٠١٥، كنت جالسة جوار المستشار د. حلمي أديب المحامي الخاص بي في الصفوف الأولى للكاتدرائية، فهمستُ في أذنه: “لو كنتُ مكان الريس لجئتُ أهنئ مسيحيي مصر بالعيد.” فرد عليّ: “لا تكلفوه بما لا يستطيع! عديدُ الموانع السياسية تمنعه.” فلما رفعنا عيوننا لشاشات المونيتور الداخلية بالكاتدرائية وشاهدنا الرئيس يهبط من سيارته ويدخل، نظرتُ إلى د. أديب وابتسمنا، فقال لي: “كنتِ تعرفين؟»، فقلت له: “لا! إنه حدسُ الشعراء!”. لهذا كنتُ أسعدَ الناس عشيةَ عيد الميلاد ٢٠١٦، حين ارتقى السيد الرئيس منصّة الكاتدرائية للعام الثاني ليعلن اعتذار مصر الرسمي للأقباط المسيحيين على كل ما لاقوه من عسف وعنف، ولم يقابلوا حمق المتطرفين والإرهابيين إلا بمزيد من الحب لهذه الأم الطيبة مصر ولأشقائهم المسلمين، ثم اعتذر مجددًا عن التأخر في ترميم الكنائس التي تهدّمت أو احترقت بيد الإرهاب السوداء، متعهّدًا ألا يمر هذا العام ٢٠١٦ قبل تمام إصلاحها.

لهذا أهدي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي هذه القصيدة:

إهداء إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي

زهرةٌ

أورقتْ

في الأشجارِ اليابسة

حينَ خرجَ الأميرُ من مِحرابِه

حاملاً قرآنَه

وقلبَه

ليصعدَ إلى المذبحِ

ويباركَ الطفلَ الجميلَ

في مِزْوَدِ البَّركة

ثم ينحني

يرتّبُ هدايا الميلادِ تحتَ قدمي الصغيرِ الأقدس:

ذهبًا ولُبانًا ومُرًّا

فتبتسمُ الأمُّ البتولُ

وتمسحُ على جبهةِ الأميرٍ

هامسةً:

مباركٌ أنتَ بين الرجالْ

أيها الابنُ الطيبُ

فاجلسْ عن يميني

واحمل صولجانَ الحكم

وارتقِ عرشِ بيتي

وارفعْ رايتي عاليةً

بين النساءْ

وعلّمِ الرعيةَ

كيف يحتضنُ المحرابُ المذبحَ

وكيف تتناغمُ المئذنةُ مع رنينِ الأجراسْ

وارشدْ خُطاهم حتى يتبعوا النَجمَ

الذي سيدّلُهم على الطريق

إلى أرضِ أجدادِهم الصالحين

بُناةِ الهرم

فإذا ما وصلوا إلى ضفافِ النيلْ

أوقدواالشموعَ في وهجِ الصبحِ

حتى تدخلَ العصافيرُ عند المساءْ

أعشاشَها

بعدما تبذرُ القمحَ والشعيرَ والسوسنَ

على أرضِ طِيبةَ كلِّها

فلا ينامُ جائعٌ

جائعًا

ولا محرومٌ

يبقى محرومًا

ولا بردانٌ

بردانًا

ينامُ ليلتَه

ولا حزينٌ

يجنُّ الليلُ على عينيه

دونما يدخلُ قلبَه الفرحُ.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف