سليمان جودة
ذنب الحكومة أنها الحكومة.. فمتى تتوقف هذه المأساة؟!
إلى متى سوف تظل حكومتنا المتعاقبة. محكومة بسياسة رد الفعل بدلاً من أن تبادر بالفعل نفسه فلا تنتظره متى يقع. فتتحرك لترد هى عليه؟!
أقول هذا.. وأنا فى غاية الأسف ، ثم المخزى بعد أن قرأته فى صحف الخميس الماضى، أن حكومة المهندس شريف إسماعيل، قد قررت فى اجتماعها يوم الأربعاء إنشاء مجلس أعلى لسلامة النقل، للحد من حوادث الطرق!
أما الأسف فسببه أن هذا هو ما تملكه الحكومة فى مواجهة مهازل تشهد لها الطرق، بامتداد الجمهورية فى كل يوم.. نعم فى كل يوم.. لا كل شهر، مثلًا ولا حتى كل أسبوع!
وأما الحزن فهو على 50 مواطنًا سقطوا بين قتيل ومصاب فى حادثين وقعا قبل اجتماع الحكومة بثلاثة أيام.. كان القتلى 22 مواطنًا، والمصابون 28 مواطنًا، وكان الحادث الأول قد نتج عن صدام وقع بين قطار وبين سيارة نقل على أحد مزلقانات الصعيد، ثم كان الثانى قد نتج عن تصادم عدد من السيارات فى بنى سويف!
لا يكاد يمر يوم.. يوم واحد.. إلا وتكون الطرق عندنا مسرحًا لحادثة أو أكثر، من هذا النوع الموجع، ولا يكاد أى حادث يقع حتى يكون أول قرار من جانب الحكومة، هو صرف عشرة آلاف جنيه للمتوفى، وخمسة آلاف جنيه للمصاب.
ومن طول تكرار هذه الحكاية، فإننى أتصور رئيس الحكومة، عند إبلاغه بأى حادث جديد، وهو يرد دون أن يعرف تفاصيل ما جرى فيأمر بصرف هذا التعويض التقليدى، والمعتاد، والذى لا يسمن ولا يغنى أبداً ليس من جوع، ولكن من أى شىء.. إذا ما قيمة العشرة آلاف أو خمسة آلاف، لمن دفع به حظه الأنكد إلى مثل هذا الموقف، وما قيمة العشرة آلاف لأسرته، إذا كتب الله عليه أن يكون من بين الضحايا؟!
سوف يقولون إن الحكومة معذروة، وأننا نقدم ما نستطيع به أن تخفف من آلام الناس فى مثل هذه الظروف، وأنها يجب أن تكون مشكورة على خطواتها نحو إنشاء مجلس أعلى لسلامة النقل، وأن أسباب هذه الحوادث ليست كلها عند الحكومة، وإنما السبب أخطاء بشرية فى القيادة، وفى إعداد الطرق للسير عليها، وفى كفاءة السيارات على هذه الطرق!
سوف يقولون هذا وسوف أقول إنه صحيح نسبيًا، ولكن يبقى ذنب الحكومة دائمًا أنها الحكومة، بمعنى أنها هى وحدها المسئولة عن منح تراخيص لأشخاص لا يصلحون لقيادة أى سيارة، وهى وحدها المسئولة عن اعتماد طرق أنشأها مقاولون ومهندسون بلا ضمائر، وحدها المسئولة عن السماح لسيارات غير صالحة للاستخدام بالسير على الطريق.
لقد قلت مرارًا وقال غيرى إنه من العيب فى حقنا أن يكون هذا هو حال الطرق عندنا، أو أن يكون هذا هو حال أعداد كبيرة من السيارات المسموح لها بالجرى على الطريق، وحصد أرواح البشر بالتالى، ثم إنه عيب فى حقنا أن نسمح بأن يقود أى سيارة من لا يصلح لهذه المهمة، ومن لم يؤهل لها جيدًا!
المجلس الأعلى لسلامة النقل، لن يغير من الحال شيئًا، إلا إذا كان له رئيس نعرفه، لنحاسبه، وإلا كان كمجلس، له مهمة محددة لا أن تكون مهمته هى التنسيق مع سائر الجهات المعنية بالمرور، كما جاء فى الخبر!
وسوف لا أتوقف عن الإشارة، إلى أن الحل شبه جاهز بين أيدينا، ولكننا لسبب غير مفهوم نتجاهله ، ونبحث فى التفاصيل.
الحل كما أشرت إليه من قبل أن حكومة أحمد نظيف كانت فيما قبل ثورة 25 يناير قد طلبت من مؤسسة «جايكا» اليابانية إعداد مشروع متكامل لمواجهة مشاكل المرور فى البلد، وقد أعدت «جايكا» مشروعها وأعطته لحكومة نظيف، وقالت فيه بأن عناصر المرور الثلاثة، من أول السائق ومرورًا بالسيارة وانتهاء بالطريق، تحتاج إلى كذا.. وكذا.. لتنضبط.. وإلا فلا مرور منضبط ، كما هو الحال فى دول العالم التى تحرص على كل واحد من أبنائها.
هاتوا مشروع «جايكا» وأعطوه لمجلس سلامة النقل وامنحوه سلطات حقيقية لتنفيذه.. وإلا.. فلا حل!