الصباح
محمد فوزى السيد
لا هى «القاهرة».. ولا هو «دويتو»
لأنهما الكبار إن وجد فى حياتنا الغنائية من يستحق اللقب، كان اللقاء الأول بين محمد منير وعمرو دياب فى أغنية «القاهرة» قيمة ظلت لأيام طويلة محور أحاديث الجميع.. الحدث هو الأهم فنيًا فى مصر منذ عقود طويلة وأيام عجاف مرت بها ساحة الغناء المصرية، ولأنهما الأكبر على الإطلاق بين نجومنا، ظن البعض – وليس كل الظن إثم – أن يخرج لقاؤهما الأول على مستوى يليق بهما، إلا أن حالة من الانقسام حدثت بين الجمهور على مستوى الأغنية لأسباب عدة.. وهنا محاولة بسيطة لتوضيح بعض النقاط.
- أولًا.. لا تلوم على عمرو دياب غنائه للقاهرة من أعلى «روف» واحد من أفخم فنادقها، عمرو دياب بينه وبين القاهرة الحقيقية «اللى تحت» غربة منذ أكثر من 15 سنة - هو كده بيبص للقاهرة من فوق وبقاله سنين طويلة ميعرفش حاجة عن شوارعها وأوجاعها- إما لأنه أصبح نجم فوق العادة، وإما لأنه يعيش معظم أوقاته خارجها ما بين «دبى ولندن» وإما لأن همه ليس كما مضى إسعاد الناس اللى تحت مثلما كان يصارع فى بداياته طمعًا فى كسب رضاهم.. وكما قال الكبير وحيد حامد، على لسان عادل إمام فى فيلم «طيور الظلام» وهو ينظر للقاهرة من نافذة فندق خمس نجوم على النيل: «البلد دية اللى يشوفها من فوق غير اللى يشوفها من تحت»، فعمرو دياب أصبح لا يراها إلى من الأعلى.
- ثانيًا.. عمرو دياب أصبح يحب نفسه أكثر من قاهرته لذلك بخل علينا هو ومخرجه شريف صبرى بكليب نتباهى به أمام العالم، لم يأت بسيرة للقاهرة الفرعونية ولا الفاطمية ولا القبطية، لعلنا كنا قد استطعنا استغلال الكليب وشهرة صاحبيه فى الترويج للقاهرة من جديد بعد سنين عجاف مرت عليها وعلينا.. لا أحاول الانفصال عن الواقع لأقول أن قاهرتنا هى أجمل بلدان العالم، لكن بالتأكيد أيضا كذبة بيضاء لن تضر وسط السواد المسيطر على سماء القاهرة.. لذلك خرج الكليب بصورة جميلة ترضى غرور عمرو دياب، وتأكد أنه مازال شبابًا وأنه يتمتع بوسامته و«استايله جامد».. وما أبحث له عن إجابة حقيقية الآن ولا أفهم له تفسيرًا هو حالة التركيز على الآلات الموسيقية «الجيتار والقانون والدرامز» وكأنهم أهم من معالم القاهرة.. ولا أعرف هل هذا هو الاستسهال متجسد فى واقع الكليب أم انعزال عن الواقع.
- ثالثًا.. المخرج الدكتور شريف صبرى لم يرهق نفسه كثيرًا من أجل تقديم كليب جيد، وكأن سيناريو الكليب الذى وضعه «الكرياتيف» كالتالى: «وقف يا عم عمرو دياب هنا وأدينى كلوزات كتير على وشه وبعدين افتح الكادر علشان أشوف النيل وبعدين «هبا» دخل الكبير محمد منير فجأة.. قال يعنى هى دية البلوفاية اللى الراجل بيلعب عليها».
- رابعًا.. الغنوة تكاد تكون عادية، كلماتها حلوة حقيقى إنما لحنها لا يحمل أى جديد، وتتشابه الجملة الموسيقية فيها مع لحن أغنية مصطفى قمر «إسكندرية» وتحديدًا فى المقطع «يا ناس يا هو لما إسكندر.... إلى آخر المقطع».. للأسف ليست من نوعية الأغنيات اللى تعيش العمر كله.
- خامسًا بقى وده الأهم.. الأغنية لا يجوز وصفها بـ «دويتو» بين عمرو دياب ومحمد منير لأن منير واضح جدًا أنه ضيف شرف على الأغنية.. بالتأكيد حاجة عظيمة إننا نشوف منير وعمرو لأول مرة مع بعض، لكن الأكيد أن هذا الظهور كان يحتاج «يتخدم عليه» بكل ما أوتينا من قوة ليظهر على الأقل فى صورة تناسب قيمة أهم مطربين عرفهما تاريخ الأغنية الحديثة فى مصر.
- أخيرًا.. كل ما فات لا ينفى أبدًا فرحتى بالأغنية ولا بوجود منير وعمرو فى كادر واحد بعيدًا عن صور اللقاءات العادية فى الأفراح والمناسبات العامة، ولا هو سواد وأى كلام على الفاضى، إنما تأكيدًا على أننا فقدنا موهبتنا فى استغلال الفرص الحقيقية اللى ممكن تفيدنا بجد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف