الصباح
وائل لطفى
السيسى بين أحمد دومة وياسمين تفاصيل أخطر بحث سرى أجرته الرئاسة عن الشباب
>>مبادرة الرئيس للحوار مع الأولتراس كانت صدمة لمؤيديه ومعارضيه معًا
>>شباب السياسيين أولى بالحوار معهم من تنظيم سرى ومتعصب وعنيف مثل الأولتراس
>>الرئيس يرى أن شباب مصر ليسوا السياسيين فقط.. ويحاول الاتصال بقطاعات مختلفة من الشباب المصرى
>>استضاف مخترعة مصرية فى العشرينيات على مائدة الإفطار.. لكن الأنظار تركزت على حديثه مع محمد بدران
>>89٪ من الشباب يرون أن مشكلة مصر اقتصادية فى المقام الأول و46٪ يرون أن السياسة هى الأساس
>>44٪ يرون أن الدولة تهمل قضاياهم.. و14٪ لا يعرفون هل تهتم بهم الدولة أم لا
>>72٪ يرون أن سد النهضة هو المشكلة السياسية الأولى و46٪ يرون أن الإرهاب هو الخطر الأكبر
>>27٪ يطالبون بتحقيق أهداف الثورة.. و61٪ يطالبون بتمكين الشباب

جاءت مبادرة الرئيس السيسى بالحوار مع مجموعة الأولتراس مثل صدمة كهربائية مفاجئة.. حتى أنها أثارت الارتباك فى صفوف مؤيديه قبل معارضيه، فالمؤيدون الذين كثيرًا ما صبوا جام غضبهم على المجموعات الغامضة.. لم يعرفوا هل يتراجعون ويؤيدون موقف الرئيس الجديد؟ أم يستمرون فى إعلان غضبهم على الأولتراس، والحقيقة أن مجموعات الأولتراس فى مصر هى مجموعات غامضة ومغلقة وسرية ولا ينظمها إطار قانونى.
وهى تخضع لمفهوم التعصب أكثر مما تقوم على فكرة الحب، وهى تؤمن بالعنف أكثر مما تؤمن بالحوار.
وقد سبق لأفرادها ارتكاب ذات الأفعال الإرهابية التى عوقب عليها أفراد جماعة الإخوان المسلمين.. بأحكام قاسية.. لكن الأولتراس لم يحاسبوا لا قضائيًا ولا سياسيًا.
وقد ارتكب أفرادها كثيرًا جريمة التظاهر بدون ترخيص.. وخرق قانون التظاهر وهى ذات الجرائم التى حوكم بسببها عدد من شباب السياسيين الذين يُعرفون إعلاميًا بـ(النشطاء).. وقد كان من الغريب أن يبادر الرئيس بالحوار مع شباب الأولتراس.. وهم مجموعة مغلقة على نفسها ومرفوضة شعبيًا.. ولا يبادر بالحوار مع شباب السياسيين.. وهم فى أغلبهم الأعم لا يتميزون بالتطرف الذى يتسم به أعضاء الأولتراس، وهم أيضًا أقل عرضة للاستخدام من جماعة مثل الإخوان المسلمين.. تثبت المعلومات والوقائع أنها نجحت فى اختراق تنظيم الأولتراس وسيطرة على كثير من قادته.
وبغض النظر عن ردود الأفعال تجاه مبادرة الرئيس.. فهى بلا شك تكشف عن اهتمام خاص منه بملف الشباب، مع الوضع فى الاعتبار أن الرئاسة ترى أن ملف الشباب المصرى أوسع بكثير من ملف نخبة الشباب الغاضب.. وأن ثمة ميلًا لإرسال رسائل بأنه لا مانع من تأجيل ملف السياسيين الشباب، ما دام فى الإمكان بناء روابط أكبر مع القطاعات العريضة من الشباب.. ومن باب الدقة فقد بادرت الرئاسة بالإفراج عن دفعتين من الشباب المحبوسين على ذمة قضايا التظاهر المختلفة.. كما سبق للنائب العام الراحل هشام بركات أن أفرج عن ثلاث دفعات من الشباب المحبوسين احتياطيًا على ذمة قانون التظاهر.
وبحسب مصدر مقرب من الرئاسة فإن حق الرئيس فى العفو عن المحكومين جنائيًا مقيد بضرورة استشارة مجلس الوزراء.. حيث تبدى الوزارات المعنية وجهات نظرها فى قرار العفو.. والأشخاص المعفو عنهم.. والمعنى أن الرئيس أحيانًا ما يرغب فى إصدار قرار العفو عن الشباب المحبوسين.. لكن الجهات المعنية تنصح بأن الوقت ليس مناسبًا.. وهو ما يؤدى إلى بقاء الوضع على ما هو عليه.. مع الإفراج عن دفعات قليلة لا تضم الأسماء الشهيرة من النشطاء.
على العكس من الوضع فى ملف الشباب السياسيين.. أو الذين يعانون من طاقة غضب مثل الأولتراس.. يبدو الرئيس مهتمًا بملف الشباب المصريين العاديين أو الشبان الذين يحققون قصص نجاح فى مجالات بعيدة عن السياسة، وهو يضع من بين أهدافه العاجلة تكوين نخبة مصرية جديدة وشابة.. ويعتبر أن هذا هو أحد أهداف يناير التى يجب تحقيقها، أو بمعنى آخر فهو يحاول أن يوازن بين النخبة المزمنة والمسيطرة من أيام مبارك ونجله ونخبة أخرى جديدة، وليس سرًا أن الرئاسة قد دعمت من طرف خفى السياسى الشاب محمد بدران.. وهو يمتلك قدرات تنظيمية وسياسية لا يمكن إنكارها.. وقد حقق حزب «مستقبل وطن» نتائج جيدة للغاية فى الانتخابات النيابية، وفاز بـ54 مقعدًا معظمها للشباب.. وحل تاليًا فى الترتيب لحزب «المصريين الأحرار».
ولكن كل هذا لم يغفر له ذنب الصورة الشهيرة مع الرئيس على يخت المحروسة، ولا صورته الأخرى على مائدة الرئيس فى إفطار الأسرة المصرية فى رمضان.. حيث كان عدد كبير من عواجيز السياسة المصرية يتأملون مشهد الشاب الصغير الجالس بجوار الرئيس، الذى لم يتوقف عن الحديث معه لحظة واحدة.. وبعد المشهدين أصبح بدران هدفًا لهجوم مركز.. وتم استغلال بعض التصريحات التى أدلى بها وفُسرت حسب الأهواء.. خاصة أن الحزب المنافس لحزبه سياسيًا يمتلك منصات إعلامية كثيرة.. وبشكل عام فقد دفع بدران مبكرًا ثمن الاقتراب الزائد من الرئيس.. ففضل أن يحصل على فاصل.. وأن يسافر للحصول على شهادة الدكتوراه فى تخصصه.. وهى خطوة كان ينوى القيام بها فى كل الأحوال وفق حصته الطموحة لشغل منصب كبير فى مصر.
لكن اللافت أنه إلى جانب محمد بدران كانت تجلس فتاة صغيرة ضئيلة الجسد، هى الفتاة المصرية ياسمين محمد، التى فازت بالمركز الأول فى مسابقة شركة إنتل العالمية للبحث العلمى.. وقد انتبهت لها الرئاسة مبكرًا.. وقبل أن تطلق وكالة ناسا اسمها على أحد الكويكبات التى اكتشفتها.. ولم يلتفت الكثيرون وقتها للفتاة ياسمين، ولا لسر إصرار الرئيس على استضافتها على مائدته.. وإن كان الجميع قد انتبه لحديثه مع محمد بدران.. والذى تحول إلى مادة رئيسية للنميمة.. أثناء الحفل وبعده.. والحقيقة أن علاقة الرئيس بفتاة مثل ياسمين أقرب لعلاقة تبنٍ.. وهو النمط الذى يفضله الرئيس فى العلاقة مع الشباب.. وهو يهتم بتفاصيل سفرياتها إلى الخارج.. ويأمر بدعم مادى لها من ميزانية الرئاسة.. ويطلب من مساعديه أن يتأكدوا من أنها ستمثل مصر بشكل لائق فى الخارج بما فى ذلك الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، مثل الملابس والمظهر الخارجى.. وإن كان من اللافت أن نشكو الفتاة فى أحد حواراتها من أن الحكومة لم تساعدها فى تنفيذ اختراعها الذى حصلت بسببه على الجائزة.
وبجانب الاهتمام بقصص النجاح والنبوغ الشخصية، والتى يبدو أن الهدف منها إيصال رسالة بأن شباب مصر ليسوا النشطاء فقط.. ثمة منهج منظم لإفراز نخب جديدة من خلال لقاءات الرئيس بمجموعات مختلفة من الشباب فى مجالات مختلفة.. وعلى عكس الشائع فلم تقتصر مجموعات الشباب التى قابلها الرئيس على شباب الإعلاميين فقط.. وإن كان المصطلح أصبح هو الأكثر شهرة بحكم عمل شباب الإعلاميين.. وقدرتهم على الترويج لأنفسهم.. وقد كانت المبادرة طموحة، وتشمل إعلاميين من مجالات مختلفة، لكن تم اختصارها فى بعض الأشخاص.. كما أنها أثارت غيرة الأجيال الأقدم من الإعلاميين وفقًا للمبدأ السائد فى الإعلام.. «ما عدوك إلا ابن كارك».. لكن الحقيقة أن الرئاسة والمكتب الإعلامى قاما بالانفتاح على أجيال ومجموعات مختلفة من الشباب تجمع بينهم أن أحدًا منهم لم يكن من رجال مبارك أو من منافقى الإخوان.
فى هذا الإطار قامت الرئاسة بمبادرة أخرى لتجميع أبناء المصريين المهاجرين للخارج، والتقى بهم الرئيس مرتين، وممثلين عنهم وفق وجهة نظر ترى أن هؤلاء يمكن أن يكونوا نواة للوبى المصرى فى الخارج.. وفى نفس الإطار التأسيس لنخبة جديدة كان التواصل مع المصريين الحاصلين على شهادة دكتوراه من كبرى الجامعات الغربية من خلال مبادرة «توب تونتى»، التى بدأت فى عهد الرئيس السابق عدلى منصور، وقد أوكل الرئيس مهمة التواصل مع أعضاء المبادرة لوزير التخطيط أشرف العربى.. وقد عارض على بعضهم تولى بعض المناصب فى الدولة وخاصة المحافظين، لكن أغلبهم فضل الاعتذار لأسباب مختلفة، وفى هذا الإطار أيضًا تواصلت الرئاسة مع المبعوثين المصريين فى الخارج، وكونت قاعدة بيانات لـ 900 مبعوث مصرى فى مجالات علمية مختلفة.
الرئيس يهتم بالشباب، لكنه ينطلق من قاعدة تقول: إن شباب مصر ليسوا السياسيين والأولتراس فقط.. وما لا يعرفه الكثيرون أنه طلب مؤخرًا إعدادًا علميًا على اتجاهات الشباب المصرى.. وقد اشتركت فى إعداد البحث جهات علمية وبحثية مختلفة، وقامت مؤسسة الرئاسة بالإشراف على البحث والمراجعة على نتائجه من خلال توجيه نفس الأسئلة لـ 72 ألف شاب من مختلف محافظات مصر، تقدموا للالتحاق بالبرنامج القومى لتأهيل الشباب الذى انطلق مع بداية هذا الأسبوع.
وقد أجرى البحث على عينة عشوائية شملت 1500 شاب من ثلاث محافظات مصرية مختلفة.. أجاب بعضهم عن أسئلة البحث عبر استمارات بحثية.. بالإضافة إلى 12 جلسة مناقشة جماعية، بواقع 4 جلسات بكل محافظة.. والحقيقة أن نتائج البحث جاءت مطابقة لوجهة النظر السائدة فى الرئاسة، والتى ترى أن شباب مصر ليسوا أهم السياسيين فقط، وأن مشكلات مصر ليست سياسية فقط.
حيث قال 89٪ من الشباب إن مشكلات مصر هى اقتصادية فى المقام الأول أو أن الاقتصاد هو المشكلة الأولى.. فى حين رأى 55٪ أن المشكلات القانونية والأمنية هى الأولى فى مصر، ورأى 46٪ أن المشكلات السياسية هى مشكلة مصر الأساسية.. ورأى 42٪ أن المشكلات الاجتماعية والقيمية تحتل المرتبة الأولى.. الذين رأوا أن الاقتصاد هو الأخطر على مستقبل مصر، رأى 83٪ أن البطالة هى أكبر الهموم، فى حين رأى 79٪ أن ارتفاع الأسعار هو الأهم الأكبر.. بينما رأى 58٪ أن انخفاض مستوى المعيشة هو ما يجب علاجه أولًا.
أما الذين رأوا أن مشكلات مصر سياسية بالأساس فقد رأى 72٪ منهم أن سد النهضة على رأس المشكلات السياسية.
فى حين رأى 66٪ أن تدخلات والتهديدات الخارجية هى الأخطر.. ورأى 46٪ أن الإرهاب هو المشكلة السياسية الأولى.
وقد رأى 44٪ من الشباب أن الدولة تهمل قضاياهم ولا تهتم بهم، ورأى 42٪ أن الدولة تهتم بقضايا الشباب.. وقال 14٪ إنهم لا يعرفون هل تهتم بهم الدولة أم لا؟
وحين سئل الشباب عما يطلبونه من الدولة قال 78٪ منهم أن على الدولة تحسين فرص المعيشة وتوفير فرص عمل.. فى حين طالب 61٪ لتمكين الشباب.. وطالب 27٪ بتحقيق أهداف الثورة.
وقال 75٪ إنهم لا يعرفون شيئًا عن مبادرات تأهيل الشباب التى تتبناها الرئاسة.. فى حين قال 54٪ إنهم لا يستخدمون الإنترنت.
أما النسبة الأخرى فقد قال 44٪ منهم إنهم يفضلون موقع فيس بوك.. وقال 17٪ إنهم يتعاملون مع «اليوتيوب».. وقال 13٪ إنهم يتعاملون مع «تويتر».
وقال 13٪ من الشباب إنهم يشاركون فى الأنشطة السياسية بطرق مختلفة، وإن كانت نسبة ضئيلة للغاية هى التى تشارك عن طريق الأحزاب السياسية (نصف فى المائة).
وقال 50.1 ٪ من الشباب إنهم يشعرون بالإحباط كأن شيئًا لم يتغير فى مصر بعد الثورة.. وقال 48.7٪ إنهم لا يهتمون بالسياسة.. وقال 31٪ إنهم يعانون من ضغوط حياتية.. وبسؤال الشباب عن المؤسسة الأهم فى المجتمع قال 79.2٪ إن الأسرة هى المؤسسة التى تتمتع بثقتهم، فى حين حلت المؤسسة العسكرية فى المرتبة الثانية بعد الأسرة فى قائمة المؤسسات التى تتمتع بثقة الشباب المصرى بنسبة 72.2٪.
ورأى غالبية الشباب أنهم لا توجد مكاسب ولا إنجازات اقتصادية بعد ثورتين.. وأن كشف الفساد ومحاسبة الفاسدين، هو أهم مكسب تم تحقيقه.
وقال 44٪ من الشباب إنهم أحسوا بالحرية بعد ثورة يناير (لم يتطرق البحث لما بعد ثورة 30 يونيو.. ورأى غالبية الشباب أن الدولة تتجاهل أوضاعهم وأوجاعهم)، فى حين رأت نسبة قليلة أن الدولة تساعد الشباب بالفعل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف