عباس الطرابيلى
هموم مصرية -شقة رخيصة للشباب.. كيف؟
أتفق مع ما أعلنه الرئيس السيسي أمس ـ وهو يفتتح عدداً من المشروعات من ضرورة أن يعرف الناس حقيقة الأعباء المالية التي تتحملها الحكومة في كل عمل تنفذه، وبالذات في بناء المساكن الجديدة وخدمات المياه والصرف والكهرباء.. وان يعرفوا أيضاً: من أين تدبر الحكومة كل هذه الأموال..
ولكنني أتناول هنا قضية تكاليف بناء مساكن الشباب.. ولكننا يجب أن نتحدث عن الدور الاجتماعي للحكومةـ في قطاع الاسكان بالذات.. مثلاً علي الحكومة أن تزيد الأسعار علي المساكن الفاخرة.. أو تلك من ثلاث غرف وأكثر.. وأن يتحمل طالبها التكاليف الحقيقية، ليس فقط من أعباء البناء نفسه بل أيضاً من توصيل خدمات مياه الشرب والصرف والكهرباء.. وربما تزيد الحكومة هذه الأسعار عن التكاليف الحقيقية، لكي توجه الفارق بينها وبين التكاليف الاجتماعية لتساهم في خفض تكاليف بناء الشقق الاجتماعية.. أو المساكن الشعبية الاقتصادية من غرفة وخدماتها وغرفتين بخدمتهما.. فهذه يجب أن تؤدي الدولة «دورها الاجتماعي» كما يجب بهدف خفض أسعارها سواء كانت للتمليك.. أو للتأجير. بشرط ألا تزيد مساحة الشقة علي 60 متراً.. مع توفير شقق من 40 متراً.
<< ولما كان ثمن الأرض يمثل حوالي 40٪من تكاليف البناء. فلماذا لا يضاف ثمن الأرض علي هذه الشقق..خصوصاً تلك التي تقيمها الحكومة في حواف المدن، أو في مناطق صحراوية، أي في الحيز الصحراوي للمحافظات التي تمتلك هذه الصحاري، أو ما يشببها.. أقول ذلك وأنا أعلم أن ثمن هذه الأرض يعتبر دخلاً طيباً للحكومة. ولكن هذا أحد اقتراحات توفير مساكن للشباب.. بأسعار معقولة.. ولتكن هذه المساكن بحق الانتفاع لا أكثر.. أم مقابل «جعل معين» أو رسوم بسيطة كما تفعل الحكومة في أراضي مصيف رأس البر، مثلاً.. أي ليس للسكان حصة من أرض العقار، كما نجد في غيرها.. وهنا تعود الأرض للحكومة في حالة نهاية العمر الافتراضي للمبني.. دون أي تعويض منها أو أي التزام عليها.
<< ثانياً: لماذا لا نلجأ إلي أسلوب المساكن الجاهزة في بناء مئات الألوف من المساكن الشبابية.. لنوفر بذلك أجور عمال كل مراحل البناء ونقلل حتي أعمال التشطيبات إلي أدني مستوي.. ومعلوم أن أجور البناء ـ بكل مراحله ـ تستهلك حوالي 30٪ من التكاليف الكلية للمبني..
وأسلوب المساكن سابقة التجهيز يقوم علي أساس صب الحوائط والأعمدة وكلها مجهزة بمجاري توصيلات المياه والصرف والكهرباء والغاز وغيرها ثم يتم تركيب المصنع بجوار المنطقة المطلوب تعميرها ببناء آلاف الشقق لنوفر أيضاً تكاليف نقل الحوائط والأعمدة من المصنع إلي منطقة البناء.. ونوفر بذلك أيضاً الكثير من تكاليف الانشاء.. نقول ذلك لأننا يمكن أن يقوم المصنع بدهان ـ بعد الانشاء ـ كل الحوائط لتوفير تكاليف المحارة الداخلية.. وأيضا الخارجية.. ومعلوم أن تكاليف المحارة تتكلف 30٪من المبني. أي يمكننا أن نبني طابقاً إضافياً مقابل «محارة» ثلاثة طوابق.
وهنا نقول إن مصر عرفت اسلوب المساكن سابقة التجهيز خلال اقامة مشروع ناصر للاسكان في أوائل الستينيات. وهو نفس الأسلوب الذي نفذته ألمانيا الشعبية لإعادة تعمير المدن التي دمرتها الحرب العالمية الثانية وحاجتها لسرعة بناء مساكن لمن أصبحوا بلا مساكن..
<< وكذلك أعباء توصيل المرافق ـ كلها ـ إلي هذه التجمعات الاسكانية الجديدة.. أي تكون هذه التكاليف بشرائح أقل مما يدفعه سكان التجمعات السكنية الغنية، أي الكومباوند والقري السياحية، حتي ولو كانت حول المدن الكبري مثل الرحاب والشروق ومدينتي والجيزة الجديدة.. وان يخصص ناتج هذه الشرائح المرتفعة ـ أي الحقيقية ـ لتقليل تكاليف توصيل هذه المرافق.. للمناطق الشبابية والشعبية.
وأنا مع ما نادي به الرئيس السيسي أمس من ضرورة ان نقول للشعب التكاليف الحقيقية ـ بعد تقليصها إلي أدني شريحة ـ وان نقول للشعب أيضاً من أين تدبر الحكومة أموال كل هذه المشروعات..
<< وأنا أيضاً مع ما طالب به الرئيس السيسي بزيادة بناء 100 ألف شقة أخري جديدة علي المخطط العام لهذه المساكن.. وأطلقوا عليها ما شئتم من أسماء: إسكان شباب. أو اسكان شعبي . أو اسكان اقتصادي ولكنها كلها تعني عودة الحكومة لتوفير الاسكان الاجتماعي.. فهذا هو الدور الاجتماعي الذي يجب أن تتولاه الدولة.