المساء
خيرية البشلاوى
رنات -مَن يُغرد خارج السرب مفقودى .. مفقود
القائمة التي أمامي تضم الممثلين الذين لعبوا أدوار البطولة في أفلام ..2015 وتضم كذلك الممثلات اللاتي لعبن الأدوار الأولي في نفس القائمة.. والمطلوب اختيار أفضل ثمانية من كل قائمة. حسب الترتيب الذي يتوافق مع وجهة نظري.. القوائم لم تستثن ممثلي وممثلات الأدوار الثانوية.
عند قراءة الأسماء تكتشف أن السينما المصرية تمتلك طاقات فنية جيدة علي مستوي الأداء التمثيلي من الجنسين. وأن معظم المشاركين في بطولات أفلام السنة الماضية من الشباب. وإن تراوحت أعمارهم وقدراتهم الإبداعية.
هل معني ذلك أن الفيلم المصري يتمتع بحيوية وطموح الشباب. وتطلعهم إلي التجديد والتغيير والاقتداء بخيوط الموضة. وآخر التصميمات العالمية.. ربما علي مستوي الأزياء.. واقتناء الأجهزة الحديثة. والوصول إلي أحدث أطباء التجميل ومتابعة الجديد في التقاليع الخاصة بتسريحات الشعر. والسلاسل الذهبية والفضية. التي تتدلي من الرقبة. وبالطبع أنواع الماكياج والبارفانات.. إلخ.
أفضل الأعمال حسب اختيارات النقاد. لا تمثل شهادة بأن الفيلم السينمائي المصري. يستطيع أن يصمد أمام موجات التجديد التي طرأت علي السينما "العالمية" ولا أمام السينما الناهضة الوطنية. في بلدان عرفت الإنتاج السينمائي بعد السينما المصرية بسنوات طويلة.
في العشرات الأولي من القرن العشرين بعد اختراع الصور المتحركة. لم تكن المسافة بين مستويات الفيلم المصري الجيد وبين الفيلم الهوليودي. الدارج بهذا الاتساع المهول.. وكانت نجمات ونجوم هوليود يعتبرون "النموذج" أو "الموديل" الذي يمكن الاقتداء به. وتقليده.. هذا علي مستوي الشكل الخارجي. وحتي علي المستوي الفني. لم يكن المخرجون الكبار غافلين عن موجات التجديد السينمائي التي أثرت علي الشكل السينمائي في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولي والثانية.. وكذلك المنتجون وقبل هؤلاء جميعاً مستوي الجمهور المستهلك للفيلم.
لم يرتبط التطور السينمائي في أي بلد بالقدرات الإبداعية الخاصة "بالممثل" ولا بطموحاته الفنية علي المستوي الفردي. وإنما أساساً بالسياسات المرتبطة بالدولة إزاء "الفيلم" وحجم إيمانه بتأثيره علي مستوي الوعي العام. ربما اهتمت أكثر بقدرته الدعائية ودوره في تكريس سياسات النظام الحاكم. وفي كل الأحوال لا يلعب "الممثل" مهما بلغت قدراته دوراً منفراً. لأنه يظل أداة في منظومة تحكمها إرادة سياسية. وإرادة جمهور. فقد يتحول الممثل إلي "سلاح" يضغط علي زناده من يمتلك مقاليد الصناعة. خصوصاً إذا ارتبطت بالنظام. واعتمدت عليه مالياً في النظم الاشتراكية. أو ارتبطت بالرأسمال. المالي الطفيلي. مثل أفلام ما بعد الحرب. أو أفلام الانفتاح الاقتصادي. وفي كل الأحوال يرتبط نجاحه بالجمهور. وهذا العنصر لا يُساق إلي شباك التذاكر إلا بمزاجه. وحسب ما يتوقعه من الفيلم. وهذه التوقعات تخضع لمستويات الترفيه المطلوب إنتاجه. حتي يتوافق مع الذوق السائد للجمهور.. وفي فترات الهبوط الاقتصادي والانحطاط في مستويات التعليم وسيادة منطق "العشوائيات" في المؤسسات الإنتاجية. وفي القوي المحركة التنفيذية. وفي المؤسسات الثقافية المنوط بها صناعة التفكير والتنمية البشرية تتراجع أهمية الابتكار والطموح الفني. وقد تغمر لسوء الاستعمال.
هؤلاء الفنانون قادرون علي الإبداع. الشباب منهم ومن يتجاوزون هذه المرحلة. يستعرضون عضلاتهم في أعمال تخدم البيئة الثقافية والفنية السائدة الآن. وتحقق العائد التجاري المرضي للمنتج والذي تقلص دوره إلي مجرد "صياد" للمواهب. هؤلاء الذين تجد أسماءهم في القوائم التي أضعها أمامي.. وأصبح هؤلاء الموهوبون لا يطمحون في أكثر من عمل "ناجح" بمعايير "الشباك" حتي لو كان العمل هابطاً جداً علي المستوي الفني. وأصبحت معايير النجاح لا تلتفت إلا للعنصر المادي. ومن ثم تفوقت أعمال البلطجة والبذاءة والانحطاط السلوكي والقيمي.. وأصبح "ولي" الفيلم. ولا أقول المنتج. فتوة بملامح بلطجي. إنه "الكفيل" المالك لإرادة المشاركين في تصنيع البضاعة التي توفر للجمهور ما يتلقي مع توقعاته مقابل ثمن التذكرة. بات هذا "الكفيل" ضامن وصول السلعة بمواصفات مستهلكيها إلي شاشة العرض.
ومن أراد أن يُغرد من هؤلاء الممثلين والممثلات خارج السرب. عليه أن يواجه تبعات ذلك. والذين حاولوا من السينمائيين واجهوا الفشل. واحتفظوا بشرف البعاد عن سيكلوجية القطيع المسيطرة.
أفلام قليلة في القائمة "2015" وممثلون قلة حققوا أفضل أدوارهم بعيداً عن تشجيع الجماهير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف