لو اختار الناس في حي الأزبكية "سما المصري" نائبة عنهم إذن هم يستحقونها.. وهي تليق بهم. وإذا جاء الاختيار بمحض إرادتهم وليس بتأثير غواية من أي نوع. إذن هم مقتنعون بأنها صالحة لتمثيلهم. ولست أعتقد أن هذه المرشحة المثيرة لعاصفة من الجدل سوف تلجأ إلي "الغواية" لأنها لو فعلت فلن يكون بمقدورها غواية العدد الذي يؤهلها للنجاح إلا إذا هبطت عليها "ثروة" ما تدعم حملتها الانتخابية.
أتذكر المرشحة الايطالية التي كانت تمتهن الدعارة عَلنا. والتي هددت بأنها سوف تفضح الزبائن الذين تعاملوا معها من "كبار القوم" ومنهم أعضاء مرموقون داخل البرلمان الإيطالي "وسما المصري" ليست بائعة هوي محترفة وإن بدت كذلك من بعض الكليبات الموجودة علي الانترنت وفيها تقدم دعوة سافرة لمن أسمته "أحمد" وتوسلات مبتذلة له ترجوه ان يتزوجها وتأمل الاسم "أحمد".
مظهر "سما المصري" وأسلوب أدائها. والكلمات التي تختارها لأغانيها ولغة الجسد الفاقعة التي تتواصل بها مع الجمهور الذي يشاهدها يدل علي أنها سيدة شديدة الطموح علي كل المستويات. كأنثي أولا تناطح الراقصة "صافيناز" الأرمينية التي حققت فتحا مبينا في مصر وأثرت ثراء كبيرا بسبب رواج بضاعتها "الفنية" وتفننها في إبراز مفاتنها. وثانيا كشخصية تريد ان تحمل لقب نائبة في البرلمان. تتحدث باسم الشعب. وكامرأة لا تعرف للحياء حدودا ولا للجرأة سقفا وتأمل اختيارها للأفيش الخاص بحملتها الدعائية والذي يشير إلي عمي سياسي وجهل بدلالات الرموز التي طبعت صورتها عليها والمعني المستفز الذي نستخلصه من قراءة مضمون هذا التكوين الخاص بالإعلان.
ولكن دعوني أبوح ببعض الخواطر المؤلمة التي تعصف في أحيان كثيرة بمشاعر الأمان السياسي كلما تابعت تصريحات بعض السادة "السياسيين" الذين جاءوا من مجالات وتخصصات بعيدة وحققوا فيها نجاحات كبيرة. جاءوا لكي يلعبوا "سياسة" ويدلوا بدلوهم فيما يجري علي أرض هذا البلد المنكوب ببعض ابنائه "النخبة" والمحظوظ أيضا بنسبة ليست قليلة من نسله ممن أدركوا خطورة الظرف التاريخي الذي يعيشه الوطن. ووعوا حساسية المرحلة وحجم التهديدات المحدقة بخريطة المستقبل.
كثير من الذين وفدوا إلي ملعب السياسة جاءوا وهم يملكون المال والشهرة والدفء الاجتماعي والرفاهية بهدف امتلاك وجاهة النفوذ السياسي وبإحساس أنهم جديرون بهذا الاستحقاق المؤثر بينما هم في الحقيقة متطفلون وليس لديهم أدني استعداد للتضحية. ولا وجود لهم في الشارع. وأياديهم الناعمة لا تعرف ولا ترغب في التخفيف عمن يتحملون شظف العيش ومن كانوا وقودا لطموحات ونشاطات الراغبين في اللعب بالسياسة.. فهؤلاء متحررون من هموم هذا الوطن.
تصريحات بعضهم تثير القرف. وأحاديثهم تنم عن عنجهية مع بلادة اجتماعية. ورغبة في "وقف المراكب السايرة" وتكدير أي شعور بالتفاؤل والايمان بالمستقبل. مثل هؤلاء الذين أفرزتهم ثورة 25 يناير. وظهروا في ميدان التحرير لم نكن نعرفهم كسياسيين وان عرفناهم كتنكوقراط أو أكاديميين ومهنيين البعض منهم احترف الكتابة في أخريات عمره. والبعض استطعم الظهور علي شاشات التليفزيون وادارت رأسه الشهرة الاعلامية فأصبح يتحدث وكأنه "أبو العريف" أو كأن مفتاح الحل والربط الخاص بإدارة شئون البلاد في جيبه وبعضهم هبط بالبراشوت من مراكز ابحاث أمنية مع انفجار الغضب الشعبي مع ثورة يناير وجميعهم بارعون في ارتداء الاقنعة!
سما المصري بالمناسبة لا تضع قناعا. سيدة مكشوفة علي الملأ. لا تمارس البغاء السياسي. ولا تسوق نفسها كعالمة أو خبيرة أو باحثة. أو.. إلخ الالقاب التي تسبق الكثير من الأسماء التي سنجدها في قوائم المرشحين صحيح أنها تصنف نفسها كفنانة ولا تريد ان تدرك ان آخر ما تحتاجه مصر الآن وشعبها هو هذا النوع من "الفن" الذي تقدمه.. والذي اعتبره ـ شخصيا ـ الوجه الآخر ولكن "الحميد" لاشكال التطرف الديني والذي ينتج عنه موجات الارهاب والجماعات المتشددة التي تسيل دماء المسلمين والمسيحيين المصريين بدم بارد.
فالفساد الديني اذا صح التعبير يؤدي الي فساد أخلاقي وسلوكي وإلي تسيب قيمي وإلي انحطاط ثقافي وجهل حضاري.
وكذلك الفساد الفني. والفن الفاسد أو ما يسميه البعض "فنا" فكتائب الراقصات امثال "صافيناز" المستوردة وبعض الراقصات المحليات المنتشرات واللاتي لا أذكر اسماءهن رغم ظهورهن في الافلام الرديئة هذه الكتائب التي تحاصرنا وتتاجر بالدين تؤثر سلبيا علي تقدم المجتمع وكذلك كتائب الفنانين وأضف لها كتائب الفساد السياسي والنفاق السياسي وكلها اشكال متنوعة من البغاء فيا ليتنا ندرك ونعي ذلك قبل ان نمنح صوتنا لمن سوف ينوب عنا فمن نختاره نستحقه.