في بداية الثمانينات من القرن الماضي عشت لحظات تاريخية هامة عند توقيع عقد إنشاء مركز القاهرة الدولي للمؤتمرات.. حيث قام الراحل محمد نسيم الذي كان يشغل وقتها منصب رئيس هيئة تنشيط السياحة بالتوقيع نيابة عن مصر.. مع ممثلين للحكومة الصينية.. قدمت مصر بموجب هذا الاتفاق قطعة الأرض في مدينة نصر وقامت الصين بكل المباني والإنشاءات والديكورات والحدائق.. هدية منها للشعب المصري وقد بلغت التكاليف بدون الأرض 150 مليون دولار في ذلك الوقت.
وكان المركز تابعا لوزارة السياحة تديره من خلال مجلس ادارة.. يعينه وزير السياحة وبعد ان أتم الجانب الصيني هذا المركز بالكامل من حيث اعداد القاعات وتزويدها بكل ألوان التكنولوجيا الحديثة.. وانشأوا أيضا حديقة علي الطراز الصيني.. اطلق عليها "الحديقة الصينية" تسلمته وزارة السياحة وبدأت عمليات التسويق لعقد المؤتمرات والمعارض فيه.. وكان بعض وزراء السياحة قد اعدوا مكاتب وزارية لهم في هذا المركز حيث جمال وروعة المبني من جهة وامكانية استقبال كبار ضيوف الوزارة وعقد المؤتمرات الصحفية وغير الصحفية فيه.
ولأن العالم كله يعتبر المؤتمرات والمعارض أيا كانت صفتها هي عمل سياحي بالدرجة الأولي وتقوم شركات السياحة بالجانب الأكبر للتنفيذ ولكن كالعادة وفجأة وبدون سابق انذار صدر قرار بنقل تبعية هذا المركز إلي وزارة التجارة أو الاقتصاد التي تتبعها ادارة المعارض بمدينة نصر.. أيامها قيل انه سيتم ربط مركز المؤتمرات بأرض المعارض وستصبح هناك مدينة كاملة للمعارض والمؤتمرات طبعا.. كان هذا مجرد كلام للاستهلاك المحلي ولتبرير نزع هذا المركز من حضن وزارة السياحة ولم ولن يتم شيء من هذا القبيل.. بل وربما تراجع الاهتمام به.
وبصراحة كما تذكر زميلي باهي حمزة مدير تحرير المساء ان هذا المركز شهد أعتي المؤتمرات واقواها دوليا ومحليا.. من بينها المؤتمر الدولي للسكان الذي كان من أكبر المؤتمرات العالمية عددا أو اهمية.. كما شهد ايضا أكبر مؤتمر سياحي والذي عرف وقتها بمؤتمر "الأستا" أو اتحاد وكالات السفر والسياحة الأمريكية وحضره نحو ستة آلاف شخص وغيرها من المؤتمرات بالمعارض الدولية.. وكان رؤساء مصر السابقون سواء الرئيس الاسبق حسني مبارك أو محمد مرسي يفضلان عقد المؤتمرات والمعارض التي يشاركون فيها يفضلون عقدها في هذا المركز وبالتأكيد فإن جهات الأمن كانت تفضل هذا الموقع نظرا لتمتعه باحتياطات أمنية كاملة.
تذكرت حكاية مركز المؤتمرات هذا ونحن نتابع ما حدث لهذا المركز في الأيام الماضية من حرائق تعد جريمة كبري سواء إذا كان ذلك نتيجة اهمال أو عمل تخريبي.. وهو لا يقل بشاعة في رأيي عن الجريمة النكراء التي حدثت بتدمير وحرق المتحف العلمي بقصر العيني.. وإذا قيل انه تبين عدم وجود كاميرات أو انذارات اوتوماتيكية فيه فهذا كلها لا يقبله العقل إلا إذا كانت قد سرقت هذه الأجهزة أو اتلفت عمدا أو الاهمال.
أما إذا لم يكن بالمركز كاميرات أو أجهزة مراقبة متقدمة فهي جريمة أخري لأن أي محل تجاري بسيط يضع كاميرات مراقبة في كل مكان فيه.. فكيف يمكن اغفال تركيبها في هذا الصرح العملاق.. ولا يمكن قبول أي حجة مثل عدم وجود اعتمادات مالية أو عجز في الامكانيات فالمعروف ان سياحة المؤتمرات والمعارض هي أغلي انواع السياحة واكثرها دخلا وايرادا وكل الدول تسعي لعقد المزيد منها ولا أدري كيف ستكون مواجهة هذا الفعل الدنيء.