مصطفى بدوى الخطيب
مساء الخير -رحلة إلي الصعيد
هل جربت من قبل الاستيقاظ مبكرا؟.. هل استيقظت ولو مرة واحدة من سنة- مثلا- علي أصوات زقزقة العصافير قبل شروق الشمس؟.. أم انك متعود علي اصوات "الخبط والرزع" وأصوات السيارات المزعج؟.. هل تناولت طعام الافطار في السابعة صباحا؟.. هل تناولت غداءك من قبل بعد صلاة الظهر؟.. وهل جربت تناول العشاء عقب صلاة المغرب؟
كل هذا عدت اليه خلال الاجازة التي اقضيها حاليا وسط الاهل والاحباب في صعيد مصر.. منبت الرجال.. ومنبع الكرم والاخلاص.. منذ حوالي 24 عاما وانا في القاهرة.. امتنعت عن ممارسة أو الاستمتاع بهذه الطقوس الجميلة.. بل للاسف نسيت معظمها.. فقد اعتادت أذني الاستماع إلي اصوات السيارات وفراملها المخيفة وحوادثها الدامية بدلا من اصوات العصافير..
الاجازة ممتعة لم يعرقل صفوها غير نزلة برد شديدة منعتني كثيرا من مواصلة الجلوس مع الاصدقاء فترات طويلة كالمعتاد.. لكن الجلسات القصيرة كانت مثمرة.. استمعت خلالها إلي شكاوي وانين الاهل في الصعيد والذين يريدون ان يصل صوتهم إلي المسئولين في العاصمة.
الصعايدة غاضبون من التجاهل الكبير لهم خاصة في المشروعات الاستثمارية الكبري كثيفة العمالة مثل مشروع مجمع الالومنيوم. والذي أنشأه عبدالناصر في منتصف القرن الماضي للاستفادة من الكهرباء التي ينتجها السد العالي. حتي يجدوا فرص العمل المناسبة بدلا من سفرهم إلي العاصمة للبحث عن "أي عمل وخلاص " علي حد تعبيرهم.. وبعدها يستمعون بآذانهم إلي انهم السبب في العشوائيات الموجودة حول القاهرة الكبري.. في حين تناسي هؤلاء ان الصعايدة لو وجدوا فرص العمل المناسبة ما فكروا من الاصل ولو لمرة واحدة الذهاب إلي زحام العاصمة الذي لايطيقه أمثالهم الصعايدة يعانون من الوادي الضيق الذي جعل الاماكن تضيق عليهم فبدأوا يشعرون بازمة السكن وارتفعت اسعار بعض المناطق إلي اسعار خرافية اقتربت من اسعار القاهرة الكبري حتي اسعار الارض الزراعية ارتفعت بشكل مبالغ فيه بسبب ضيق الوادي وعدم وجود أماكن في ظل تمسك وزارة الزراعة بعد الاعتداء علي الارض الزراعية.. والصعايدة يؤكدون ان عدم الاعتداء علي الارض الزراعية له هدف نبيل جدا الا انه مطلوب من الدولة وضع حل وسط يسمح بالبناء علي بعض الارض الزراعة بما لايخل بالحفاظ علي الرقعة الزراعية حتي لاترتفع اسعار الاراضي اكثر من ذلك.
الصعايدة يطالبون الدولة بوضع اسعار منصفة للمحاصيل المختلفة حتي لا يضطروا إلي ترك الارض "بور" بدون زراعة لارتفاع تكاليف الزراعة ومستلزمات الانتاج.. وكرروا جملة واحدة: "هل يرضي الدولة ان نزرع بالخسارة أو نصرف علي الارض من جيوبنا"؟
الصعايدة يريدون دعما أكبر من الدولة للشباب لانقاذهم من الجلوس علي المقاهي والذي يعد المشروع الاكثر ربحا في عموم الصعيد وهذا مؤشر خطير علي فشل القائمين علي منظومة الشباب في مصر بصفة عامة وفي الصعيد بصفة خاصة.. مراكز الشباب تجد صعوبة كبيرة للقيام بدورها كما ينبغي لاسباب مختلفة.. منها بعدها عن المناطق المزدحمة او انها في مناطق بعيدة جدا عن قلب القرية ولهذا يضطر الشباب للجلوس علي المقهي القريب من المنزل.
الصعايدة ينتظرون أدوارا كبيرة من نواب البرلمان الذين اختاروهم اهمها اتمام توصيل شبكة الصرف الصحي والتي تعمل عليها الدولة الان لجميع قري الصعيدة.. الصعايدة ينتظرون زيارة من الرئيس السيسي ليقف بنفسه لما وصل اليه حالهم.. وهم راضون بما يقرره.