الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
قانون الخدمة المدنية.. أؤيده وأرفضه!!!
الكل يعترض علي قانون "الخدمة المدنية" والحكومة التي "ايدها في النار" كما يقول المثل هي وحدها الموافقة عليه.. واسمحوا لي أن أكون متحمساً بل أشد المتحمسين للقانون.. وفي نفس الوقت أشد المعارضين للقانون!! كيف؟؟ أقول لك كيف:
لقد حاربنا البيروقراطية سنوات وسنوات دون جدوي.. جذور الروتين ضاربة في أعماق أعماق العمل الحكومي وفشلت المحاولات لانتزاعه.. لا أحد في بر مصر كلها لا يؤيد محاولة جادة في هذا الموضوع.. هل ننسي حكاية "الشباك الواحد" للمستثمرين وفشلت عدة مرات؟؟
لعلني من أشد المتحمسين لإخضاع الوظائف العليا للنظام التنافسي.. ولكن هل تستطيع الحكومة تطبيق هذا دون وساطة وقرابة وكارت توصية؟؟ نحن شعب طيب للغاية ويحب خدمة الغير دون نظر للمصلحة العامة!!
***
تعالوا نتفق أن أهداف قانون الخدمة المدنية رائعة وضرورية ولابد منها.. وليس أمامنا سواها.
ولكن..
ولكن من يستطيع تطبيقها.. قطعاً ليست الحكومة.. إذن من يطبق هذه المبادئ والأسس بلا أية رحمة أو شفقة بل للصالح العام؟؟ والصالح العام فقط؟؟
أجاب علي هذا السؤال علي باشا ماهر في شهر يوليو 1952 في اجتماع له مع مجلس قيادة الثورة برئاسة محمد نجيب عندما تم تكليفه بتشكيل الوزارة.. ولم يكن قد تم تشكيلها بعد.
أعلنها علي باشا ماهر صريحة مدوية: الشركات خير من الوزارات الخدمية.. الخدمات تديرها شركات والأمور السيادية تحتاج لست وزارات فقط.. هي: الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والعدل والتعليم.
الشركة غير الوزارة
الشركة تريد أن تربح لأن المال له صاحب حريص عليه.. وهناك جمعيات عمومية لأصحاب المال تراقب وتحاسب غير الوزارات التي يعمل بها أكثر من سبعة ملايين موظف!!
***
هل أضرب لكم مثالاً؟؟؟
أحمد باشا عبود الذي يملك عشرات الشركات.. وكان رئيساً دائماً للنادي الأهلي عشقه الكبير الذي لا يرفض له أي طلب.. عندما كان يطلب منه أصدقاؤه في النادي تعيين أي شخص في إحدي شركاته لأنه بلا عمل ويحتاج لمرتب شهري.. كان عبود باشا يقول إنه خير له أن يدفع له مرتباً كل شهر من جيبه الخاص بلا تعيين لأن التعيين معناه "زيادة عمالة" تضر بالعمل.. الشركة لا تعين إلا من تحتاجه لا العكس هذه هي السياسة التي تحتاجها الحكومة ولكن هل تستطيع أن تطبقها؟؟.. لا طبعاً.
***
باختصار شديد
نحن في أشد الحاجة لتطبيق مبادئ القانون الذي صدر.. لا خلاف قط علي هذه المبادئ التي تحتاج لشفافية مطلقة.. تحتاج لمنتهي العدالة.. تحتاج عمر بن الخطاب.. تحتاج لمن قال لو أخطأ ذراعي الأيمن سأقطعه بذراعي الأيسر.. غير ذلك سنندم علي صدور هذا القانون.. وكلنا يعلم كيف يتم تعيين الخريجين.. وكيف يتم اختيار من تقدموا بسيرتهم الذاتية استجابة لإعلان ما عن وظيفة خالية والتعيين يتم قبل نشر الإعلان!!
***
طيب.. ما هو الحل
باختصار شديد.. شركة بدلاً من وزارة لتربح الدولة من كل الوجوه.. خدمات علي أعلي مستوي تريح الشعب.. توفير ضخم جداً في مصروفات الحكومة.. في نفس الوقت إيرادات جديدة من هذه الشركات من ضرائب ضخمة.. عدد الموظفين في الشركات سيكون ضعف رقم سبعة ملايين الحالي.. موظفون بحق لا يشربون الشاي ويقرأون الصحف!!.. موظفون يعملون وينتجون.
***
السؤال الآن هو..
هل هذا ممكن الآن؟؟
بعد ضياع فرصة يوليو ..1952 ممكن بالتدريج.. وخلال عامين أو ثلاثة ستستقر الأمور ونتحول إلي دولة كبري رائعة.. اليابان وألمانيا خاضت التجربة بعد الحرب العالمية الثانية 1945 وتحولت من دولة تحت الصفر إلي ما هي عليه الآن.. وعقبالنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف