قبل أن تقرأ: يقيناً نحن نفزع ونتألم عندما نرى مشهداً صادماً كمشهد انهيار كوبرى قبل افتتاحه. يقيناً نشعر بضربة موجعة فى الخاصرة.. بل ربما نشعر بـ «خازوق».. جرحنا فى الصميم! لكن يقيناً «الانهيار الأخلاقى» أفدح وأسوأ!
<<<
- خازوق «كوبرى سوهاج»، الذى صممه أساتذة كلية الهندسة من دون «خوازيق» تحمله.. من بدايته وعند منتهاه، ليست وحدها الخوازيق التى تدق فى رؤوسنا..وتجعلنا نبكى دماً بدلاً من الدموع. «كل خرابة أصبح فيها عفريت» كما يقول البسطاء.. رغم أننا فى القرن 21. لم يعد هناك أمر يكتمل.. لم نعد ننتعش بإنجاز حققناه.. ولم نعد نشعر بفرح متكامل لمشروع أنهيناه.. لماذا لأن كل «خرابة» فيها عفريت!
< الكوبرى المنهار ليس شيئاً جديداً علينا، فقد كان ممكناً أن تحدث الكارثة لمحور 26 يوليو قبل أن يفتتحه «مبارك» لكن العناية الإلهية هى التى أنقذت مستخدمى المحور، حينما اضطرت وزارة التعمير إلى تحمل مسئولياتها وإجراء الإصلاحات اللازمة، مهما تكلف الأمر، بعد أن هبطت التربة وكادت تحدث الكارثة
< الصحف المصرية - فى مناسبة انهيار كوبرى سوهاج - استدعت من ذاكرتها أحداث سنوات مضت ، سقط فيها ضحايا، نتيجة خراب ذمم وفساد ضمائر شاهق، شيد مع تشييد منشآت وعمائر آيلة أساساً للسقوط قبل أن تشيد؟ مشاهد مريعة لاحصر لها.. وقلوب فاسدة للإصلاح ولاعلاج لها.. تنبىء عن خللٍ حقيقى حدث فى شخصية كثير من المصريين الذى منحوا حق اتخاذ القرار أو صنعه!
< انهيار الكوبرى - أو العمارة أو المصنع أو مدرج الطائرة.. إلخ - سبقه انهيار أخلاقى وفكرى بالدرجة الأولى.. لطفاً توقف لبرهة واقرأ هذه المشاهد: لماذا لم تخرج لنا تفاصيل قضية فساد بعض رجال الشرطة، ونعرف يقيناً هل بالفعل سددوا الأموال التى قرأنا أنهم سددوها للتصالح مع الدولة.. أم أن الدولة تريد «الطرمخة» على القضية؟ ومن الذى قال: إن انهيار الجهاز الشرطى وفساده (وفساد رئيسه الأعلى حسنى مبارك) ليس له علاقة بانهيار الكوبرى والدائرى والمحور والمدن الجديدة ومدارج الطائرات.. الخ.. من الذى قال إنه لاتوجد علاقة!
< وزير الزراعة الذى قبض عليه فى الشارع بتهمة الفساد الكبرى، لماذا كان وحده «أمثولة» الأماثل؟ لماذا لم يتعرض غيره لمثل ماتعرض له؟ محافظ سوهاج السابق افتتح أحد جانبى الكوبرى المنهار بقرارٍ منه رغم اعتراض أحد «اللواءات» بجهاز التعمير والإسكان بالمحافظة ولم يقبض عليه ويؤتى به مغلولاً لسؤاله عن سبب قراره هذا؟ واللواء المشار إليه نفسه يقول فى التليفزيون (مع برنامج مانشيت وزميلنا جابر القرموطى) سيتم إصلاح الخلل فى غضون أسبوعين أو ثلاثة وينتهى الموضوع فلا داعى لتضخيم المشكلة! ولم يفكر أحد فى وزارة التعمير فى استدعائه ومحاسبته على التهوين من مشكلة «مهولة» جداً!
< النائب توفيق عكاشة يخرج على الملأ متهماً جهاز الشرطة فى دائرته بأنه كان يعمل على إسقاطه فى الانتخابات ولا أحد يعير تصريحاته تلك أدنى اهتمام وكأن الذى أدلى بها شخص على المقهى وليس نائباً يفترض الموثوقية والمصداقية فى كلامه وكل كلمة يقولها يمتلك دليلاً عليها!
< «ماذا جرى للمصريين»؟! عرفنا ماهو أسوأ من كتاب الدكتور جلال أمين الذى حمل هذا العنوان، لكن مازلنا بعيدين عن وضع قطار الإصلاح على السكة! نصف طن من الأحشاء الفاسدة تضبط فى طريقها إلى أمعاء المصريين، قبل أن تصبح «رغيف حواوشي» وهو رغيف البسطاء! آلاف من كيلووات اللحوم الفاسدة تضبط فى مصانع النائب فرج عامر.. وسبقه إلى هذا النائب س. ص. ع الذى ضبطت فى ثلاجات مصانعه كميات من اللحوم المجمدة الفاسدة، ثم دخلت القضية الثلاجة، رغم أنها ساخنة فى كل الضمائر والقلوب الحية!
< النائب العام المحترم يأمر بفتح مستشفى المطرية بالقوة، بقرار حاسم وصارم، لكن لم نقرأ فى المقابل قراراً صارماً بحبس الأمناء الذين «سحلوا» أطباء المستشفى لمجرد أنهم اعترضوا على كتابة تقرير طبى بطريقة يريدها الامناء؟
< بعد ما قرأتم: مخطىء من يتصور أن مثل هذه الانهيارات الأخلاقية والفكرية تقل أهمية عن انهيار المدن والكبارى الأسمنتية.. أو أنها لاعلاقة لها - الانهيارات - بعضها ببعض.. بالعكس كلها طرق سالكة نحو فساد لابد أن نعلن النفير العام فى مواجهته، وإن كنا فى حرب مع الإرهاب، وان كان خطر الإخوان والدواعش والقاعدة والظلاميين والمتطرفين يحاصرنا حتى نكاد نختنق تحت أنقاض الانهيارات!