مكانة المرأة فى التراث الشعبي أقل بكثير من مكانتها فى الديانات، فى التراث نالت قدراً من التمييز والتصغير والتحقير لا بأس به، واللافت أن المرأة فى التراث هى التى كانت تحط من مكانة نفسها، وتحسن صورتها، وارتفاع مكانتها يأتى غالباً ودائماً برضا الرجل عنها، على رأى المثل: «اللى مرانه مفرفشة يرجع البيت من العشا»، ومن الأمثلة الحديثة التى تربط وجود المرأة أو أنوثتها بالرجل المثل القائل: «حرمة من غير راجل زى الطربوش من غير زر»، ومن الأمثلة التى تشكك فى أمانتها وتحرض على عدم الوثوق بها، المثل القائل: «اللى يعطى سره لمراته يا طول عذابه وشتاته»، ولأهمية الرجل فى حياة المرأة كانت تعاير المرأة بخلفة البنات، وذلك بقولهم: «يا مخلفة البنات يا دايخة للممات»، وقولهم: «موت البنت سترة»، وقولهم: لما قالوا لي: ولد؛ اشتد ظهري واستند»، ومن الأمثلة التى ابتدعوها فى العصر الحديث، قولهم: «المرة لو طلعت على المريخ آخرتها للطبيخ»، فرغم ان المرأة فى عصرنا الحالى تشارك فى عالم الفضاء، فإن النظرة المتدنية ما زالت تسيطر على رؤية الطبقات الشعبية.
هذه النظرة تدفعنا للتساؤل: لماذا؟، لماذا تأتى المرأة فى صور منحطة بهذا الشكل؟، الذى يعود إلى النصوص الدينية فى اليهودية والمسيحية والإسلام، يكتشف أنها كانت مصدر الخطيئة، ومصدر النجاسة، فهى التى حرضت آدم على الخروج من الجنة، ففى سفر التكوين (بالوجع تلدين أولاداً، وإلي رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك 3 : 16)، وفى سفر اللاويين: «إذا حاضت المرأة فسبعة أيام تكون في طمثها، وكل من يلمسها يكون نجسا للمساء ــ 15: 19»، وفى رسالة كورنثوس الأولى: «رأس كل رجل هو المسيح، وأما رأس المرأة فهو الرجل ــ بوليس 11 : 3»، وفى الرسالة الأولى إلى كورنثوس 14 : 34، ترجمة الفانديك : «لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونا لهنّ أن يتكلمن، بل يخضعن كما يقول الناموس، ولكن إن كنّ يردن أن يتعلمن شيئاً فليسألن رجالهنّ في البيت لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة»، وفى تيموثاوس الرسالة الأولى: «لا أسمح للمرأة أن تعلم ولا أن تغتصب السلطة _ من الرجل _ ولا تتسلط، وعليها أن تبقى صامتة، لأن آدم كون أولا ثم حواء، ولم يكن آدم هو الذي انخدع بل المرأة انخدعت، فوقعت في المعصية ــ 2: 12 ـ 14». وفى القرآن قوله تعالى: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ــ النساء 34».
لا أظن أن الديانات هى المصدر الوحيد لتدنى صورة المرأة، ومن يعد للحضارات القديمة سيكتشف انحطاط دورها ومكانتها، وسيرى كذلك تبعيتها للرجل، وفى الحالات التى تولت فيها الحكم، سيرى ان الكهان قد مرروا هذا بإضفاء هالة التقديس عليها، بأن تكون إلهة أو زوجة أحد الإله.