عباس الطرابيلى
هموم مصرية- المطاعم.. أفضل استثمار!
قد يختلف الاستثمار من عصر إلي عصر.. يعني في زمن معين يكون الاستثمار في الزراعة هو الأفضل، وبالذات في المحاصيل عالية العائد مثل القطن والذرة والقمح والفول السوداني.. وفي زمان آخر كان الاستثمار في العقارات هو الأفضل.. ويتبع ذلك الاستثمار في أراضي البناء.. ولكن الاستثمار في المطاعم، أو كل ما يأكله الانسان.. فهو استثمار لا يخسر أبداً، لأن الانسان لا يتوقف عن الأكل.. حتي وان كان الاستثمار في الملابس مربحاً ولكن الانسان لا يستطيع التوقف عن الأكل.. وإن تعمد تأخير شراء ما يلبس من هنا فإن الاستثمار في المطاعم هو الأفضل، وعلي مر العصور!!
<< ها هو الاستثمار في أرخص الأغذية: الفول والطعمية.. لأن المصري لابد من أن يفطر عليهما.. وربما كان طعام الغداء والعشاء أيضاً مكوناً من الفول والطعمية.. ولذلك تكسب مطاعمهما الكثير، وهل ننسي الفنان الشعبي محمود شكوكو وهو يتباهي بما يكسبه منهما في الاسكتش الغنائى الشهير مع الراحلة ليلي مراد عندما انطلق يغني ويتغني بأنه «بني من الفول والطعمية سبع عمارات» وهل ننسي الصفوف الطويلة أمام هذه المطاعم.. ولذلك يتوارث رجال هذه المهنة الكثير من أبناء وأحفاد.. ولا يخلو شارع من مطعم للفول والطعمية حتي في الأحياء الراقية، وليس فقط في الأحياء الشعبية أو حتي في القري..
<< والكشري.. ومن منا لا يعشق طبق الكشري، وكتر الصلصة يا ولد.. أو واحد كمالة يا جدع مع زيادة التقلية والحمص. وهل نسينا بائع الكشري الشهير - في وسط القاهرة - الذي بدأ حياته علي عربية كشري صغيرة في شارع مشهور بالعمال والصنايعية.. ولأنه حافظ علي مستوي جودة بضاعته من الكشري.. اشتري أول محل - كان يقف بعربته أمامه - وحوله إلي مطعم.. للكشري وظل يحتفظ بعربة الكشري أمام المحل.. ولما وجد محلاً بنفس المبني قد تركه مستأجره.. اشتراه وتوسع - مع الأول- وأصبح المحل.. محلين!! وهكذا حتي اشتري كل العمارة.. وهدمها ثم اعاد بناءها وأصبحت عربة الكشري هي كل العمارة.. وربنا يزيده.. ولكنه وللحق، حافظ علي مستوي جودته..
<< حتي باعة الساندويتشات.. كان سعر الساندويتش في الاربعينيات بنصف قرش.. ثم صار بقرش ونصف القرش.. وهكذا حتي اصبح الثمن جنيهين اثنين كاملين!! وارتفع ثمن طبق الكشري من ثلاثة قروش إلي حوالي 10 جنيهات.. رغم أن كله شوية أرز ومكرونة وعدس وتقلية.. ولكن الناس لم تتوقف عن الأكل..
ولذلك انتشرت في مصر المطاعم الحديثة.. نقلاً عن أمريكا بالذات من ويمبي إلي تكة إلي كنتاكي وحتي البيتزا الايطالية وغيرها..
<< حقيقة عرفت مصر - ومنذ القدم -المحلات التي تحمل معك ما تحتاجه من سمك مشوي أو مقلي - وخد بالك من قشر البطيخ المقلي حتي خارج الموالد - إلي الجمبري المقلي.. والكفتة والكباب وحتي الان مازال في القاهرة شارع «الرواسين» أي باعة لحمة الرأس المسلوقة المحمرة.. أو مطاعم الكوارع والفتة والممبار.
ولكن هذه المطاعم تطورت .. كما تطور كل شيء في مصر .. فوجدنا منها ما يقدم الفراخ المشوية إلي الحمام المحمر أو المحشي أو المشوي أو المعمر في الطواجن!! إلي الملوخية والمسقعة وكل أنواع المحاشي والريش المشوية والسجق، وبعد أن كان عدد هذه المطاعم محدوداً.. انتشرت واصبحت في كل مكان في الاحياء الشعبية إلي الراقية ودخل ابناء حضر موت العملية وانتشرت مطاعمهم التي تقدم «المندي» أو غيرها تقدم المقلوبة أو الكبسة.. وفي السنوات الاخيرة انتشرت المطاعم السورية التي برع أهلها في تقديمها.. بكل مهارة.. ونظافة..
<< وتطورت العملية.. وتحولت بعض المطاعم إلي وسيلة مشتركة أي للأكل.. وللنزهة، وهكذا وجدنا مطاعم أعلي هضبة المقطم، وأخري علي ترعة المريوطية.. أو المنصورية.. أو حتي علي الطريق الزراعي إلي القناطر الخيرية.. ولكل مطعم عوامل شهرته وجذبه للجائعين.. والمشاوي..
ومن هذه المطاعم ما يعمل علي جذب الاغنياء من طالبي الطعام الجيد ولذلك عمدت هذه المطاعم إلي اختيار أماكن بعيدة عن العمران ومنها الآن ما هو في الجيزة الجديدة أو علي امتداد الطريق الصحراوي للاسكندرية.. يعني «غدوة..وخروجة» يعني الطعام والنزهة.. وتحتاج إلي عدة ساعات تنتظر دورك.. وبالهنا والشفا!!