المساء
مؤمن الهباء
شهادة- السعودية.. والمستنقع السوري
لا نرضي لبلدنا "مصر" ان تتورط في المستنقع الليبي.. كما لا نرضي لبلدنا الثاني "السعودية" ان تتورط في المستنقع السوري رغم التصريحات المتواترة عن حشد 150 ألف مقاتل للتدخل البري ومواجهة داعش.. وترحيب أمريكا وحلفائها الغربيين بهذه التصريحات التي تعني بالنسبة لهم مزيدا من المساهمة العسكرية السعودية في الحرب علي داعش.
أعرف أن السعودية وحلفاءها الإقليميين مطالبون اليوم بعمل ما لإحداث تغيير نوعي في قواعد اللعبة علي الأرض السورية بعد الهزائم المتتالية التي منيت بها فصائل المعارضة المسلحةأمام قوات نظام بشار الاسد المدعومة من روسيا وإيران وحزب الله.. لكن لابد من إعادة التفكير جيدا في مسألة التدخل البري لانه وبكل صراحة لن يكون نزهة.. وقد يتحول إلي فخ كبير وورطة يصعب الخروج منها.. فدخول الحرب شيء والخروج منها شيء آخر.
والواضح من لغة التحدي والتهديد التي استقبلت بها إيران وروسيا ونظام الأسد التصريحات السعودية بشأن التدخل البري أن هناك رغبة من هذه القوي لاستدراج السعودية إلي المستنقع السوري.. فقد حذر وليد المعلم وزير الخارجية السوري من ان أي تدخل بري في الاراضي السورية دون موافقة الحكومة هو عدوان يستوجب المقاومة.. وأي معتد سيعود في صناديق خشبية إلي بلاده.. بينما قال رئيس الحرس الثوري الإيراني ان السعودية لا تملك الشجاعة لإرسال قوات برية إلي سوريا.. وإذا حدث ذلك فسوف يكون انتحارا. وتتحدث تقارير شبكة "سي. إن. إن" ان السعودية تستعد جديا لهذا التدخل البري والمسألة ليست مجرد تصريحات.. وأن هناك تدريبات عسكرية تجري علي أرض المملكة لهذا الغرض.. وهذه التدريبات يشارك فيها حوالي 150 ألف جندي.. معظمهم من الافراد السعوديين مع قوات مصرية وسودانية وأردنية.. وقد التزمت المغرب بارسال قوات إلي جانب تركيا والكويت والبحرين والإمارات وقطر وماليزيا واندونيسيا وبروناي.. ومن المتوقع ان تدخل هذه القوات إلي سوريا من الشمال عبر تركيا تحت قيادة مشتركة تم تعيينها فعلا من جانب السعوديين والأتراك. والواضح أن كلمة السر التي دفعت إلي التحرك نحو التدخل البري كانت تلك الهزائم المتتالية لفصائل المعارضة المسلحة السورية.. الهزائم سببت جرحا شديدا للسعودية وتركيا في الوقت الذي شعر فيه بشار الأسد بنشوة النصر.. وقد انعكست هذه النشوة علي جلسات المفاوضات غير المباشرة في جنيف مما ادي إلي فشلها واضطر الوسيط الدولي إلي تأجيلها إلي مرحلة تالية ربما يحدث نوع من التوازن في القوي علي الأرض.
وكان وفد المعارضة قد اتجه في المفاوضات إلي التركيز علي القضايا الإنسانية مثل وقف إطلاق النار وإعلان هدنة لفك الحصار عن المناطق المنكوبة وتقديم وسائل الإغاثة إلي المواطنين المحتاجين وإطلاق سراح المعتقلين وتبادل الاسري ووقف سياسة الأرض المحروقة.. وفي ظل التفوق المفاجئ لقوات النظام المدعومة بالقوات الإيرانية والمقاتلات الروسية لم يحدث تجاوب مع مطالب المعارضة.. وركز وفد النظام علي أن دحر الإرهاب هو "فاتحة القرآن" بالنسبة لهم.. وبالتالي أعلن عن تأجيل المفاوضات. والآن.. تشعر المعارضة السورية بالخذلان من جانب حلفائها الذين يتحدثون كثيرا ويفعلون القليل بينما استطاع الروس حلفاء بشار أن يغيروا مجري الاحداث ويفرضوا السيناريوهات التي تبنوها ولذلك صار علي السعودية تحديدا ان تفعل شيئا.. ولكن هذا الشيء لكي ينجح ويؤتي ثماره لابد ان يتسق مع الشرعية الدولية وفي إطار عمل جماعي تفرضه الأمم المتحدة.. والأهم ان يكون متكافئا مع القوي الموجودة علي الأرض.
إنها مغامرة كبيرة نتمني ألا تحدث.. ونتمني ان تعود الأطراف جميعا إلي الحل السياسي.. الحل السلمي.. ويكفينا ما أريق من دماء عربية وما أهدر من أموال وما حدث من خراب.. الشعب السوري وحده صاحب الحل.. وصاحب القرار وصاحب الكلمة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف