المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. الإدارة الأجنبية!!
صدقنا- والله- أنه ليس هناك خصخصة لهيئة السكة الحديد.. وأن المطروح فقط هو الاستعانة بإدارة أجنبية لانتشالها من الخسائر والتراجع في مستوي الخدمات التي تقدمها.. والآن دعونا نسأل: لماذا الاتجاه إلي طلب الإدارة الأجنبية؟!.. أليس ذلك إقراراً بفشل الإدارة الوطنية المصرية؟!
المصيبة التي كشف عنها المتحدث الرسمي باسم وزارة النقل أحمد إبراهيم أنه كانت هناك تجربة سابقة للاستعانة بخبراء إيطاليين في إدارة وتشغيل السكة الحديد. وكانت فاشلة علي الرغم من استمرارها 6 سنوات.. ولم تكن هذه تجربة فريدة. واستشهد بتوجه الوزارة إلي الاستعانة بالخبرات الأجنبية في جميع القطاعات.. مثل الاستعانة بخبراء هولنديين في مجال النقل النهري. وخبراء بريطانيين في مجال النقل الجماعي. وخبراء من سنغافورة في مجال النقل البحري وإدارة الموانيء.. ثم لجوء الوزارة لخبراء بريطانيين في مجال السكة الحديد من خلال قرض دولي ميسر في الفائدة وطريقة السداد.. وهو ما سيتم تفعيله عقب تشكيل لجنة لطرح كراسة الشروط للتعاقد مع شركة أجنبية لتوفير خبراء استشاريين أجانب لإدارة وتشغيل السكة الحديد. تحت إدارة الهيئة.
والحقيقة أنني لم أفهم مغزي أن تأتي الإدارة الأجنبية لإدارة وتشغيل السكة الحديد تحت إدارة الهيئة.. إذا كانت الهيئة- هيئة السكة الحديد- قد فشلت في الإدارة والتشغيل علي مدي سنوات طويلة مضت.. فكيف ستنجح الإدارة الأجنبية إذا كانت ستعمل تحت إدارة الهيئة؟!.. ثم ألا يمكن أن يكون هذا هو السبب في فشل تجربة الإدارة الإيطالية التي استمرت 6 سنوات تحت إدارة الهيئة الفاشلة أصلاً؟!
ومن حيث المبدأ.. يحق لكل مواطن في مصر أن يؤيد أو يرفض فكرة الإدارة الأجنبية.. وشرف لي أن أنتمي إلي المعسكر الرافض.. لأن الاستعانة بالإدارة الأجنبية تنطوي علي إهانة وطنية مباشرة لا أرضاها.. وإذا كانت هيئة السكة الحديد أو أية هيئة أخري تعاني من فشل الإدارة.. فالمشكلة تكمن فيمن عين هذه الإدارة وأعطاها اختصاصاتها.. المشكلة فيمن يدير الإدارة من أعلي.. وليست في مصر والمصريين.. مصر عامرة بالكفاءات والإمكانات والقدرات الهائلة.. لكنها مستبعدة لسبب أو لآخر.. ومعايير الاختيار للمواقع القيادية لدينا مهزوزة ولذلك يطاردنا الفشل ونلجأ إلي الخارج.
وحتي إذا كان ولابد من معالجة نقص الإمكانات والكفاءات فقد كان الأفضل دائماً أن ترسل البعثات للتعلم في الخارج واكتساب الخبرات والعودة إلي التطبيق في بلادنا.. كما فعل محمد علي باشا منذ قرنين من الزمان.
أما الذين يؤيدون الإدارة الأجنبية لنقص مزعوم في الجينات المصرية فإنني أسوق إليهم مثالين لعلهم يقتنعون بخطئهم: المثال الأول كان إيجابياً وظهر عقب تأميم قناة السويس عام 1956 حيث أثبت المصريون جدارة فائقة في إدارة الشركة الدولية والقيام بدور المرشدين الأجانب الذين انسحبوا أو طردوا.. وشهد العالم بكفاءة المصري وجدارته ونجاحه.. أما المثال الثاني فكان سلبيا وظهر عقب قرار حكومة عاطف عبيد الاستعانة بإدارة أجنبية وشركات أجنبية "دولية" لحل مشكلة القمامة.. وفشلت هذه الإدارة وشركاتها فشلاً ذريعاً.. وعدنا نبحث عن إدارة مصرية.
ثم.. لا تنس إشارة المتحدث الرسمي لوزارة النقل إلي فشل التجربة الإيطالية في إدارة الهيئة رغم استمرارها لمدة 6 سنوات.
والآن.. ما هو الحل البديل؟!
في رأيي الحل يجب أن يكون مصرياً.. إدارة مصرية تخضع لمعايير جادة وحازمة في الاختيار.. ويتم إلزامها بقواعد ولوائح فعالة.. ومنحها كافة الصلاحيات.. ثم مساءلتها فترة بعد أخري.. ومساءلة من اختيارها.
المساءلة والمتابعة والمحاسبة هي العناصر السحرية للنجاح.. ولا تسمحوا بالتصريحات المخدرة للأعصاب التي تعتمد علي النفاق والطبل والزمر وتخفي وراءها تلالاً من الفساد والإهمال والفشل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف