فنجان شاي أرفعه إلي فمي بلهفة.. فأجمل ما فيه آخر رشفة غارقة في سكر لم تقدر عليه ملعقة.. تماما كأحلي ما في الحياة إن بقيت لك نفسك بحلاوتها و.. رضاها.
سنوات مرت انتهيت فيها من إنتفاخ بطن والتقاط زرار من فم صغير يحبو. ومشاوير الفجر للمدرسة. واجتماع مجلس آباء في قاعة كلها أمهات. باستثناء واحد طيب تلاحقه عيون الحاضرات وعلي شفاههن.. "يا بختها".
ومراهقة أبناء وبنات ولوازم احتواء.. عيون "مفتحة".. وتسخير الذات لمهمة لملمة قبل حدوث البعثرة.. لهث بين ضرورات عمل.. طلبات بيت لخبطة وفرقعات متتاليات واحتياجات تنسيك ضمير الأنا. لتذوب في المتكلم والغائب. ومن حاضرك تأخذ لمستقبلهم. وتظل تعطي حتي تصل لما قبل التلاشي.. فتتوقف وتمسك في الباقي. وهو الأروع إذا كنت راضي والضمير مرتاح. وأنت مازلت تقف علي قدميك.. تحملك رجليك.. واعيا.. و"لسة.. بتحس" إحساس جميل ان كان في العمر بقية هي لك.. تخطوها بحكمة وتتجه حسب بوصلتك.. تقترب من الخالق أكثر.. وتعيش الحب.. أعمق.
بالسكر
يا لها من خواطر فنجان شاي بالسكر أخذتني من الحكاية.. حيث كنت أجلس مع صديقتي حين دخلت علينا طفلة في العاشرة عالقة في جلباب أمها.. تحتاجها صاحبتي سلوي لتساعدها علي الأداء في البيت.. فهي لا تريد شابة يافعة داخل البيت حتي لا يريدها زوجها هذاما قالته في جملة مختصرة.. ولا تناسبها شغالة فوق الخمسين لأنها ستمرض كثيرا وبدلا من أن تخدم سيخدمها أهل البيت. لذلك اختارت الصديقة طفلة وظلت تشرح لأمها أنها وهي تجهز سندويتشات صغارها ستستعين "بفاطمة" لتنهي مأمورية لبس المدرسة وحمل الشنط وهو ليس بالعسير علي الشغالة الصغيرة وكذلك غسيل أطباق قليلة.. وترتيب سرير وكلام كثير قالته صاحبتي.. وسمعته الأم الطيبة التي همت بالانصراف.. والأكثر لم أسمعه فقد شغلتني البنت.. انها ممسكة بأطراف أمها..وكلما وقفت انتفضت الصغيرة وارتعشت ورفعت وجهها المحني أرضا فيكاد يصل إلي وجه الأم بنظرة ترسل خوفا ودموعا.. وحواسها كلها اجتمعت علي معني واحد.. عايزة ماما.
احتياج
تري أي احتياج دفع بهذه الأم لتوزيع بناتها علي البيوت قبل أن تفطمهن من حبها. وهل ستضع رأسها في الليل ويأتيها النوم إنها أرض بور تلك التي لا تهب الثمرات لمن يعيش عليها.. لعنت الحكومة وأولي الأمر.. أن تصل بأهلها إلي هذا المستوي من الاحتياج.
ثم التفت إلي سلوي وجدتها تضبط شعرها في المرآة وتجمع طرفي لوزتها الحريرية لتغلقها بالأزرار.. وتحمل شنطة يدها لتقول للشغالة الصغيرة خللي بالك من أولادي أنا ذاهبة لمكتبي واليوم أجازة مدرسة.. سرحت عن كلماتها فابنتها الصغيرة 7 سنوات تتعلق بثوبها.. وتبعث بنظرة لأمها وترسل خوفا ودموعا..وحواسها كلها اجتمعت علي معني واحد..عايزة ماما.
نملة
نشقي ونجمع ونضع في الشقوق أو بين الجدران.. نسعي لنأكل ويضيع العمر.. بشر كنا أو.. نمل.