عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. مؤتمر للشباب.. لماذا؟
ليس عيباً أن تسبقنا دولة الإمارات ـ وهي أحدث دولة عربية ـ وبالذات في اهتمامها بالشباب.. بل إن الرئيس السيسي دائما ما يحدثنا عن إيمانه بالشباب.. وقناعته بأنهم عماد أي تقدم. ويحرص علي أن يكونوا معه وهو يفتتح أي مشروع.. أو يبشر بأي عمل طيب للوطن، هم عماده وأساسه. وإذا كانت دولة الامارات قد أخذت بفكرة تعيين الشباب في أعلي المناصب، حتي الوزراء.. ومنهم من هو حول 22 سنة من العمر.. فإنما ذلك ـ قناعة منهم ـ وبالذات بأهمية تشجيع الشباب ومنحهم فرص العمل والقيادة... وتخيلوا وزيراً أو وزيرة عمرها 22 عاماً أو حتي 25 ولكنها تصبح مسئولة عن وزارة.. وعن أحلام الناس..
<< وأعترف أن الرئيس السيسي يريد ذلك.. ولكن هناك من يري أن يتم ذلك بالتدريج.. أو من يري وضع شباب تحت الثلاثين يعملون مساعدين للوزراء.. وأيضاً معاونين للمحافظين.. ليشربوا أصول العمل.. حتي نجمع بذلك بين خبرة الكبار وحماس الشباب.. ولكن هذه الأفكار وتلك تتعثر.. ربما لأننا تعودنا علي أن نري المسئول وعمره تخطي الستين عاماً.. ولكن.. أليس من الأفضل أن نبدأ التجربة وأن نوفر للشباب فرص إثبات الذات.. خصوصاً أنهم صنعوا واحدة من أكبر الثورات في تاريخ الانسانية.
<< هنا لابد أن يسبق ذلك عقد مؤتمر عام للشباب ـ وبالذات بين من هم بين 15 سنة.. ولا يتجاوز عمرهم الثلاثين.. مؤتمر تمثل فيه كل التيارات والاتجاهات. ومن كل مناطق الوطن.. مع التركيز علي مناطق الخطر.. مثلاً مؤتمر عام «أولي» لأبناء سيناء من الشباب.. دون أن نتجاهل خبرة وتفكير العواقل والشيوخ.. ونستمع لكل ما يحلمون به.. حتي ولو اشتط بهم القول.. ويستمع لهم المسئولون ـ في كل تخصص ـ دون أن يفرضوا آراءهم علي الشباب أي تكون جلسات للاستماع.. ثم نجمع كل ما قيل.. ويتحول الأمر بعدها إلي لجان عمل وإعداد ملفات لكل قضية علي حدة.. والأهم أن نبدأ في تنفيذ ما اقترحه الشباب.. كل بحسب أولوياته وامكانات الدولة.. دون أن نهمل ما قاله أو ما اتفق عليه الشباب.. ويقوم الشباب ـ أنفسهم ـ بالتنفيذ.. تحت اشراف الكبار، دون وصاية منهم علي الشباب..
<< وتتوالي المؤتمرات: في الواحات والصحراء الغربية من السلوم ومرسي مطروح شمالاً إلي شرق العوينات جنوباً. وان يكون الكبار سناً مجرد مرشدين في المراحل الأولي.. لتتحول أفكار الشباب إلي جهد حقيقي.. لأنه في النهاية يصب لمصلحتهم. ثم يتم تقسيم الصعيد إلي ثلاث مناطق حسب طبيعة كل منطقة ويتناقش الشباب ـ في كل منطقة ـ علي أفضل المطلوب.. وهكذا.. ونخلص بذلك إلي تصور عام لكل مطالب المنطقة. وتصب كل مقترحات المناطق في ورقة عمل في المؤتمر العام الذي اقترحه لكل مناطق الجمهورية.. وبعيداً عن الفلسفات والتعبيرات «المكعبرة» يتم اعداد دستور العمل لتحويل كل ذلك إلي واقع حقيقي..
<< وتصبح ورقة العمل هذه هي أساس مشروعات خمسية، أي خططاً خمسية يجري تنفيذها.. وتلتزم بها الدولة.. ويتعهد بمراقبتها البرلمان نفسه بعد أن نعرف ما هو المطلوب من الشباب.. ومن كل القطاعات.. ومن الدولة نفسها.. ويبدأ التنفيذ حسب المتاح من الاستثمارات..
والهدف هنا: هو أن يعرف الشباب حقيقة ما نملكه من امكانات لنعرف كيف تخرج هذه الأفكار إلي النور.. والهدف هنا هو تجديد شباب الدولة.. حتي وان وجدنا أن متوسط أعمار الشعب تتجاوزهم.. ولكن والحمد لله، فإن أكثر من 60٪ من سكان الوطن هم الآن تحت سن الثلاثين. أي المستقبل ذلك..
<< وبذلك تصبح عندنا قاعدة شبابية يتم تشغيلها وتنفيذ أفكارها من خلال استراتيجية تمتد مثلاً إلي 20 أو 30 عاماً، ليكون ذلك بداية الانطلاقة الحقيقية لإعادة بناء الوطن.. الجديد..
وعندما يعرف الشباب حقيقة أوضاعنا.. سوف يتحملون.. ويصبرون وينطلقون إلي العمل الحقيقي.. لأن غياب المعلومة الحقيقية عن الشباب يزيد درجات الغليان بينهم.. بكل ما في ذلك من مخاطر.. وهذا هو سر ما أعلنه الرئيس من ضرورة أن يعرف الناس.. كم تتكلف هذه المشروعات.. ومن أين يتم تمويلها.. لأن من لا يعلم.. غالباً ما يخطئ.
<< بشرط أن نعد جيداً لهذه المؤتمرات.. ثم المؤتمر العام للشباب.. ووقتها سوف نجد «إيجابية» تحركات الشباب.. وإصرارهم علي العمل.
قولوا للناس الحقيقة.. ليس لنخفف من بركان الغضب الذي أخذ يتزايد.. ولكن لكي يساهموا في العمل والإنجاز.