ندرك. وجميع المصريين. أن بلادنا تعيش مرحلة فارقة. ما بين تحديات داخلية. ومؤامرات خارجية. تهدف جميعها إلي إفشال تجربتنا. وتفتيت مصر إلي عدة دويلات. أو جعلها خاضعة لأمريكا والغرب لعقود أخري. فمازالوا يخططون إلي استمرار نهب ثرواتنا. ولم يكفهم ما حصلوا عليه. ويساعدهم علي ذلك عبيد السلطة. والفاسدون. وللأسف هؤلاء زادت أعدادهم بشكل مخيف خلال السنوات الأخيرة. لكن الإيجابي أن القيادة السياسية المصرية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الهجوم المضاد علي ثورتي 25 يناير و30 يونيو. وما تمثلانه من طموح مصري لإقامة دولة ديمقراطية متقدمة ومستقرة.
الحقيقة أن مصر لم تكتف بمواجهة واسعة مع الإرهاب سواء في سيناء أو الاقليم. الإرهاب الذي ندرك أنه ممول ومدعوم خارجياً. ويتم التخطيط له في أجهزة استخبارات دولية. معادية للقاهرة. وتري في نهضتها خسارة لها. لذا تجمع الفرقاء ضد مصر لأن مصلحتهم جميعا أن نظل نعيش في تخلف. رجعية. فساد. ظلم. وقهر اجتماعي. وصولا إلي تمزيق بلادنا لعدة دويلات. وهو ما افسدناه في 30 يونيو. لكنهم لم يستسلموا ومصر لم ترضخ وتحركت في كل اتجاه. واتخذت خطوات إيجابية في العديد من الملفات.
ورغم تعثر العلاقات المصرية الأمريكية. ووصولها حد الصدام. بعد انحياز واشنطن للإخوان ورفضها عزل محمد مرسي. والذي جاء نتيجة ثورة شعبية خالصة. أفسدت مخطط الامريكان الهادف إلي التهام مصر بمساعدة تأمرية إخوانية. قبض خيرت الشاطر 8 مليارات دولار من إدارة أوباما. إلا أن أمام إرادة المصريين. نجح الرئيس عبدالفتاح السيسي في تحقيق نجاحات في هذا الملف. فهو أخرجنا من زمن التبعية لأمريكا. وفي نفس الوقت لم يناصبها العداء. وسعي فقط لإقامة علاقات متوازنة معها. فجاء رفع تجميد التسليح في مارس الماضي. ثم إقرار الخارجية الأمريكية مساعدات 2016 لمصر البالغ 1.3 مليار دولار دون شروط. أو حديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان لأول مرة منذ 2013 ثم عقد الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي لأول مرة منذ توقفه في 2011 ليصب في اتجاه رغبة عدد كبير من اعضاء الكونجرس الأمريكي في عودة العلاقات قوية مع القاهرة باعتبارها حليفا مهما في منطقة الشرق الأوسط. وهي نتائج إيجابية جداً في العلاقات بين البلدين. والذي نجحت فيه مصر مع إقامة علاقات قوية أيضا مع دول أخري أبرزها روسيا والصين.
حققت مصر نجاحاً قوياً في ملف بالغ الأهمية والخطورة معاً. فمع تصاعد الموقف في الشرق الأوسط ورحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتولي شقيقه سلمان الحكم في المملكة العربية السعودية أراد الإخوان الاصطياد في الماء العكر. وإفساد العلاقات القوية بين الرياض والقاهرة. مستغلين وجود خلاف في الرؤي وليس في المبادئ بين البلدين في حل أزمتي سوريا واليمن. وحاول الإخوان تقديم أنفسهم علي أنهم الحليف المناسب. ثم جولات وزير الخارجية المصري سامح شكري بدول الخليج. ليأتي الرد سريعاً بزيارات متواصلة من المسئولين السعوديين للقاهرة. ولقاء الرئيس السيسي. والتأكيد علي متانة التحالف الثنائي في مختلف المجالات. وصفعة قوية لأعداء البلدين. مما يثبت أن القاهرة تدرك أوراق اللعبة جيداً. والأهم أنها تستثمر ما تملكه من أدوات بما يحقق مصالحها. وهي رسائل تطمئن الداخل حول ملف العلاقات الخارجية الذي أصبح واحدا من نجاحات الرئيس.
الإيجابي أن تحرك مصر المميز خارجياً يقابله نجاح داخلي يتمثل في افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة. ورغم حملات التشكيك في المشروع. إلا أن الثقة بين الرئيس والشعب والاهتمام العالمي يؤكد أننا أمام عمل عملاق سوف يعود بفائدة كبيرة علي شعبنا ولكن يحتاج فقط إلي الصبر وأيضا البدء في تنفيذ المنطقة الاقتصادية واللوجستية حوله. اضافة إلي مشروع المليون ونصف فدان. وعلينا أن نفرح بإرادتنا كمصريين. ودعونا ننتظر النتائج الإيجابية. ونفخر بما حققنا.
وأخيراً جاء انتخاب مجلس النواب كأخر استحقاقات خارطة الطريق رغم التحفظات خطوة علي الطريق. برلمانا نتمني أن يكون قوياً. ويقود ثورة تشريعية وتنموية. ويراقب اداء الحكومة. وستكون كلمة الرئيس اليوم أمام مجلس النواب تأكيدا علي اكتمال مؤسسات الدولة وأن مصر تتحرك إلي الأمام نحتاج فقط إلي العمل بقوة وجهد لإقامة الدولة الديمقراطية الحديثة التي تتقاطع مع الفساد والاستبداد. وعلي الجميع القيام بمسئولياتهم حتي تتوافق مع طموحات شعبنا المرتفعة جداً بعد ثورتين.