صابر شوكت
بين الصحافة والسياسة- عودة العقل.. لوزارة الداخلية (١-٣)
لاينكر منصف إن جهاز أمن الدولة.. أو ما نسميه اليوم قطاع الأمن الوطني هو بمكانة العقل المفكر والموجه لجميع تحركات الجسد الأمني بمصر.. وهذا العقل موجود بمسميات أخري عديدة في الأجهزة الأمنية بدول العالم.
والتاريخ ووقائعه تكشف بيقين إن فساد هذا العقل وإنحرافه أو إصابته بجنون السلطة الحاكمة.. يؤدي إلي فساد سائر أجزاء الجسد الأمني بوزارة الداخلية في أي مكان بالعالم.. وليس ببعيد.. ما كشفته «الصحف التونسية» منذ حوالي عشر سنوات عن انحرافات وجنون هذا العقل الأمني لدرجة إجبار بعض النساء الحرائر للعمل كمرشدات أمنيات علي أفراد العائلات التي ينتمين إليها وبها سياسيون ضد النظام.. وتمادي الأمر بقادة هذا الجهاز بانتهاك أعراض النساء وتصويرهن لإخضاعهن.. وتمادي الجنون للكشف عن جرائم سادية لعدد من هؤلاء القادة مع شهيرات النساء في جرائم جنسية مروعة.. ولم يكن أمام «زين العابدين» رئيس تونس سوي إقالة وزير الداخلية ومحاكمة صورية لهؤلاء القادة.. ولكن بقيت أثار فضيحة جنون عقل وزارة داخلية تونس.. تنخر في أعماق الشباب والمعارضة السياسية.. مع سائر انحرافات النظام لتعجل بسقوط النظام التونسي.. كأول ضحية لجنون وزارة داخليته..!
ولم تكن مصر بعيدة عن ذلك.. فقد ظل جهاز أمن الدولة يعمل بكفاءة تعادل أرقي أجهزة العالم.. لحمايةأمن الشعب والوطن من جرائم الإرهاب المتسترة بالاسلام.
وعاصرت بنفسي ولمست بيدي وطنية وكفاءة رجال أمن الدولة في هذه الفترة في بدايات التسعينات..من خلال تعاملي مع «الشهيد الراحل» اللواء أحمد العادلي مدير جهاز أمن الدولة وقتها وكان صديقاً خاصاً عندما كان يرأس قبلها التهرب الضريبي.. وتابعته بعيني بمكتبه بعد مكالمة تليفونية مثيرة.. مع أحد رجال مباحث التهرب بسرعة التوجه للنيابة لتقديم مستندات متهمين كبار أقارب السيد «رفعت المحجوب» رئيس مجلس الشعب وقتها بالتحديد شقيقه يطلب حفظ القضية.. وبعدها قال الرجل نحن نعمل لمصر وليس لنظام..! بعدها جاء رئيساً لأمن الدولة.. وكان الكاتب الكبير «ابراهيم سعدة» أطال الله عمره.. يكتب مقالاً مطولاً عن العبدلله كاتب هذه السطور.. حول بدء صلة كشف الإرهاب لأول مرة في مصر بسلسلة تحقيقات بأخبار اليوم.. وكيف انني عشت بين الجماعات أكثر من عام لتحقيق هذا السبق الصحفي.. وعدت ومعي الارهابي التائب وقتها عادل عبدالباقي.
وفوجئت بعد النشر بالراحل الصديق لواء أحمد العادلي.. يرسل في لقائي بمكتبه للأهمية.. وهناك فوجئت به يفرد علي مكتبه جميع موضوعات هذه الحملة الصحفية.. وهو يعاتبني علي عدم تهنئته بمنصبه الجديد وأرد عليه «خفت» لأنه معروف ان هذا الجهاز شبهة!.. فأخبرني صارخاً.. البلد تضيع منا والإرهاب يترصد دولةمصر وليس نظامها فقط.. وأريد منك مساعدتي في هذه المعركة.
وأذكر أنني شعرت بقشعريرة في جسدي والرجل يهمس لي.. قائلا «إنني وهو» لو استطعنا تخليص مصرمن المؤامرات الارهابية المترصدة بشعبها.. ويكون هذا فقط عملنا في الدنيا.. سنقابل الله ونحن راضين عن حياتنا..!
وبالفعل.. أحضرت له «عادل عبدالباقي» الإرهابي التائب.. لنبدأ مع الراحل العادلي.. أول عملية الحرب علي الارهاب داخل جهاز أمن الدولة.. ولصالح شعب مصر وليس نظامها.. فالوطن هو الباقي.. وجميعنا راحلون.. وعلي مدي شهور.. استطعنا تسجيل أكثر من ٨٠ ألفاً «نعم ثمانين الف ارهابي»..كان أمن الدولة لا يعلم عنه شيئاً.. وكيف كان بعض كبار قيادات وموظفي الدولة يعملون مع «مافيا» الارهاب العالمي ومخابرات أجهزة دول استخدمت الإسلام وشبابه المخدوع ليكونوا وقودا للحرب علي مصر باسم الدين. وكان من هؤلاء أذكر «مدير» لجمارك بورسعيد متورط في تهريب الشباب للخارج لتجنيدهم.. وكان بعض لواءات أمن دولة وضباط متورطون.. باتفاق مع الجماعات وقيادتها لتنفيذ عملياتهم الارهابية بعيدا عن مناطقهم ليبقوا في مناصبهم.. وكان الثمن تفجيرات إرهابية تحصد أرواح الابرياء من أبنائي في مصر..
المهم.. تمكنا وقتها من بداية عودة العقل لوزارة الداخلية بما أطلقنا عليه نحن الأثنين فقط «قاعدة المعلومات».. وبدأت الحرب العاقلة علي الارهاب ١٩٩٤ ومازلنا.