الأهرام
مرسى عطا الله
كل يوم .. أين طه حسين؟
هذا السؤال طرحته على نفسى عندما كان ظلام الأصولية والإقصاء يتمدد ويتسع فى ظل حكم الجماعة وحلفائها ليفرض على مصر واقعا يبتعد كثيرا عن وسطيتها وهويتها التى اكتسبتها عبر الزمن.

أين أستاذنا طه حسين فى هذه الأيام لكى يعيد للأمة العربية والإسلامية صوابها بعد أن غرقت فى مستنقعات الانغلاق نتيجة التفتت الأيديولوجى والطائفى والمذهبى والعرقي.

إن المأزق الذى يعيشه العالم العربى الآن ليس مأذق العجز عن ركوب قطار الديمقراطية كما يزعم أولئك الذين اتخذوا من هذه الرايات المضللة غطاء لنشر الفوضى باسم الثورة قبل أن يختطفوا المزاج الشعبى الغاضب باتجاه ما يسمونه الإسلام السياسى كمدخل لإنتاج الرأى السياسى الواحد والتفسير الأحادى للشريعة الإسلامية وبما يعنى إقصاء الرأى الآخر ودفن الفكر الآخر وتجميد سلطة العقل.

أين الدكتور طه حسين لكى يقرأ اللحظة الراهنة ويجيب على كل الأسئلة المحيرة.. هل ما شهدته الدول العربية فى السنوات الخمس الأخيرة يمكن تسميته بالثورات أم أنه الفوضى بعينها... وهل ما جرى كان مؤامرة كونية وقعنا فى شباكها بكل يسر وسهولة أم أن حجم الغضب من الأنظمة الحاكمة كان قد بلغ ذروته وأصبح جاهزا للاشتعال والانفجار مع أول عود ثقاب يجرى إشعاله.

لقد استدعيت عميد الأدب العربى «طه حسين» من الذاكرة لأدلل على الفارق الكبير بين رجل خرج على أمته قبل ما يزيد عن نصف قرن رافضا للجمود الفكرى والاجتماعى وداعيا إلى الأخذ بالنموذج الأوروبى المتقدم فى الديمقراطية والكفالة الاجتماعية والحقوق الإنسانية وعندما لم تستجب الغالبية للدعوة النبيلة امتلك الرجل شجاعة الاعتذار ولم يفعل كما فعلت النخب السياسية والفكرية التى احتضنت الفوضى وساعدت على التخريب لمجرد الخصام والعداء مع أنظمتها!

والخلاصة أن طه حسين كان رمزا للعقل الناضج فاحتفظ هو ومفكرى جيله العظام بالحد الأدنى من ملامح الدولة الوطنية مهما تكن عليها من تحفظات أما جهابذة اليوم فهم رموز اللاعقل لأن المهم لديهم هو المكايدة والانتقام... وما أبعد المسافة بين جيلين!

خير الكلام:

<< إذا ازدحمت همومى فى فؤادي.. طلبت لها المخارج بالتمني!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف