عباس الطرابيلى
هموم مصرية- كأس.. الاستيراد العالمي!
أسباب عديدة وراء عودة «تعدد» سعر الدولار في مصر.. واقترب الفرق بين السعر الفعلي والسعر الرسمي من جنيه كامل.. ومن المؤكد أن هذا الفرق سوف يزيد.. ليس بسبب عدم وجود احتياطي قوي لدي الدولة، ولكن بسبب آخر هو استمرار تعاظم الخلل في الميزان التجاري بين ما نصدره.. وما نستورده من سلع سواء كاملة الصنع، أو مستلزمات انتاج.. والمؤلم اننا «نعمل 1000 حساب» لما تفرضه علينا الدول المصدرة لنا.. وتحاول أن تخيفنا بأننا لو اتخذنا اجراءات حازمة للحد من الاستيراد، بأننا نخرق بذلك الاتفاقيات الدولية.. يا أخي لتذهب هذه الاتفاقيات إلي الجحيم.. مادامت تدمرنا إلي هذا الحد..
<< لأننا نستورد بما قيمته 80 مليار دولار سنوياً.. بينما لا نصدر مما ننتج إلا بحوالي 30 ملياراً فقط. وهذا الكلام ليس من عندي، بل هو تصريح للمهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء، منذ أيام.. أي أن الخلل في الميزان التجاري يصل إلي 50 مليار دولار.. ويا تري كم يساوي ذلك بالجنيه المصرى!! فكيف نقبل ذلك، وان نقبل أن نصبح أداة في يد من ينتج أكثر منا.. ويصدر أكثر مما يستورد.. أم يا تري علينا أن نفخر بأننا حصلنا علي «كأس الاستيراد العالمي» والمؤلم اننا نستورد حوالي 70٪ ما مستلزمات من ننتجه من أدوات انتاج وخامات.. فهل في العالم كله من يوافق أو يرتكب هذه الجريمة.. لا أعتقد. وهل نفعل كل ذلك من أجل سواد عيون من نستورد منهم سواء سلعاً تامة الصنع أو مستلزمات انتاج.. ويا أخي «طظ» وألف طظ في الاتفاقيات الدولية.
<< والطريف أن الحكومة ـ عندما رفعت رسوم الجمارك أخيراً ـ رفعتها فقط علي سلع ربما لم يسمع عنها المواطن المصري.. وهذه الخطوة كلها لن توفر للدولة إلا حوالي مليار جنيه.. فأين هذا الرقم من 640 مليار جنيه هي قيمة ما نستورده بمبلغ 80 مليار دولار!! والطريف ـ أكثر ـ أن الحكومة لم تقترب من السلع المستفزة التي تلتهم كل الاقتصاد المصري.. من سيارات زاد متوسط ما نستورده منها بحوالي 200٪ في عام واحد.. بل وزاد متوسط ما نستورده من مستلزمات تجميع هذه السيارات في مصر. حتي كادت شوارعنا تتوقف فيها الحركة تماماً.. أقول ذلك لأن مصر تمرح في شوارعها الآن أكثر أنواع السيارات المستوردة.. وربما تجري في شوارعنا من سيارات المرسيدس ـ مثلاً ـ أكثر مما تسير في شوارع المانيا نفسها وقد طالبت هنا مرات بإيقاف استيراد السيارات كلها ولمدة 10 سنوات.
كما طالبت بالحد من استيراد مستلزمات تجميع السيارات وهذه سوف تحل ليس فقط أزمات المرور عندنا، ولكن أيضاً تحد من الخلل المالي، بسبب هذا الاستيراد.
<< وليست السيارات وحدها ما يجب أن نحد من استيرادها.. بل هناك سلع عديدة «يجب» أن نتوقف فوراً عن استيرادها.. وأخري يجب أن نقلل استهلاكنا إلي أدني حد.. بزيادة الانتاج المحلي.. وبالذات السلع الغذائية ومنتجاتها ولن نموت جوعاً بسبب وقف استيرادها أو تقليل هذا الاستيراد..
ولكن يبدو أننا ننفذ ـ دون وعي ـ حرب الدولار التي يشنها علينا الارهاب الدولي.. والمحلي بحكم أن حوالي 70٪ من شركات الصرافة يمتلكها الارهاب الاخواني. وهم الآن يسيطرون علي سوق الدولار داخل مصر. وأهم ما يجب أن نفعله الآن هو الحد من الطلب علي الدولار.. مهما كان السبب.. ومهما كانت الوسائل.. وفي المقابل علينا أن نعترف بأن المصريين العاملين بالخارج يفضلون التعامل مع شركات الصرافة، التي يطوف ممثلوها بالدول العربية، ليجمعوا منهم دولاراتهم ويتحكموا فيها، وفي أسعارها.. ثم يحددون هم متي يطرحونها في الأسواق.. لتلبي طلبات المستوردين.
هنا لابد من تسهيلات جديدة تعيد كل هؤلاء للتعامل من خلال البنوك المصرية، حتي نغلق ـ أو نخفف ـ من التسهيلات التي تقدمها شركات الصرافة.. أو مندوبوهم المنتشرون الآن في الدول العربية.. وكذلك نفكر في وسائل أخري ـ غير تحديد ما يسمح بإيداعه من دولارات أو سحبه من هذه البنوك.. لأن المستوردين الآن يعمدون إلي جمع الدولارات من المصريين ـ خارج مصر ـ ليستوردوا ما شاءوا من سلع.
<< وقد يكون وضع قائمة لما تسمح به الدولة لاستيراده من أهم هذه الوسائل.. حتي ولو كان مجرد فانوس رمضان أو سجادة صلاة.
علينا أن نغلق الحنفية ـ بعض الشيء ـ ولا نطلق الاستيراد.. إلي أن نعبر عنق الزجاجة التي تسمح لنا باستيراد سلع تصل قيمتها إلي 640 مليار جنيه مصري.. في السنة.
<< والشعب لن يشكو لو منعنا استيراد الشامبو.. وأحمر الشفاه!!