التحرير
ناصر عراق
هل تنجح نقابة الأطباء في علاج مرض النظام؟
أجل.. ما دامت فكرة العدل غير واردة في قاموس النظام، فهو مريض حتمًا، وفي حاجة إلى علاج سريع قبل أن تقع الواقعة. وما قام به الأطباء أمس هو محاولة لعلاج هذا المريض، فأن يجتمع نحو 12 ألف طبيب ويرفعوا الشعارات المنددة ببطش أجهزة الأمن ويتخذوا القرارات التي تصب كلها في محاولة إشاعة العدل في مصر المحروسة، فهذا يعني أنهم قرروا تقديم الخدمة العلاجية للنظام بـ(المجان)، فهل سيستجيب المريض لروشتة العلاج؟

ما حدث أمس -الجمعة 12 فبراير- في نقابة الأطباء أمر غير عادي بالمرة، فهذا أول (خروج) كبير ضد سياسات النظام من غير جماعات الإسلام السياسي، وهو خروج مختلف كليا، حيث من المعروف أن الطبيب ليس (ثوريا) بحكم طبيعة مهنته، ولكنهم أجبروه على الثورة من فرط الضغط وتكرار الإهانة، فإذا لم يتلق النظام الرسالة الطبية بذكاء، فسيخسر الكثير والكثير.

من عجب أن التاريخ القريب جدا شهد ثورات صغيرة تضخمت وملأت الميادين حتى أسقطت نظامين ظنا أنهما خالدان في السلطة أبدًا، فمبارك سقط لأنه لم ينصت إلى المطالبين بعدم التوريث (كفاية وأخواتها)، ولم يهتم بمطالب الشعب في ضرورة كبح جماح وزارة الداخلية، إذ تمادى في جرائمه، حتى تجمعت الحشود وطردته من عرين الرئاسة في يناير وفبراير 2011، ومرسي أهمل الاعتراضات على الإعلان الدستوري المشبوه الذي أصدره في 21 ديسمبر 2012، وحاول أخونة الدولة فقام بتعيين وزير ثقافة إخواني منعه المثقفون من دخول مكتبه في حدث نادر، حتى التأم الشعب كله في ملحمة وطنية مذهلة وعزلوا مرسي من منصبه في يونيو 2013.



واليوم يرفع أطباء مصر راية العدل، حيث العلاج بالمجان في مستشفيات الحكومة وفقًا للدستور، كما يطالبون بالحفاظ على كرامتهم التي تهدرها منظومة أمنية متغطرسة لم تتعظ مما سبق، وهي مطالب نقابية مشروعة، لكنها أيضا رسالة تحذير سياسية إلى من بيدهم الأمر، منطوقها: انتبهوا وتيقنوا أن العدل أساس الملك.

لا أعرف مدى قدرة النظام على التعامل الإيجابي مع رسالة الأطباء؟ ولا أدري هل سيشير إليها الرئيس عبد الفتاح السيسي في حديثه اليوم أمام البرلمان أم لا؟ لكني أعتقد أن تجاهل غضبة الأطباء ليس في صالح حكام مصر حاليا، خاصة أن مواقع التواصل الاجتماعي تحتشد بمشاعر خلابة تؤيد الأطباء في قراراتهم وتثني على جرأتهم في ظل غياب واضح للعدل والكرامة.

في الختام أقول: ليتهم يتعاملون مع أصحاب البالطو الأبيض بذكاء، ويتذكرون الحكمة القديمة (معظم النار من مستصغر الشرر)، أما الأطباء ففقد غمرهم الشعب المصري كله بأمطار المحبة والتقدير.. وهم يستحقون ذلك بكل تأكيد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف