نصف الدنيا
أمل فوزى
مدن المستقبل
“المستقبل ينتمى إلى هؤلاء الذين يعدون له من اليوم” تلك المقولة الرائعة لمالكوم إكس كانت هى إجابتى على كل من كان يتساءل مستغربا من أن المؤتمر الذى عقدناه الأسبوع قبل الماضى كان يناقش مستقبل المرأة بعد 15 عاما، البعض قال لى ساخرا “مش لما نبقى عارفين نعمل لها حاجة النهاردة نبقى نفكر لما بعد عقد ونصف”، وهناك شخصية بارزة قالت لى اتركى المستقبل فى حاله ولناسه اللى حتعيش فيه ولا تخشى مما قد يحدث فيه وانشغلى بالحاضر الذى تعيشينه الآن. والحقيقة أن قصر النظر الذى يعانى منه بعض من هؤلاء أصابنى بصدمة فخمسة عشر عاما ليست بالزمن البعيد ومن الوارد جدا أن نكون نحن جزءا من هذا المستقبل وحتى إن لم يكن فمن المؤكد أن أبناءنا سيكونون كذلك وعلينا أن نخطط من أجلهم فالسماء لا تمطر تقدما ونجاحا ولننظر لما تقوم به دول العالم فى هذا الصدد ليس فقط فى حقوق المرأة ولكن فى كيفية تحقيق مستوى رفاهية لكل فرد فى المجتمع، فمثلا ألمانيا أطلقت على 2015 عام العلم وقامت وزيرة البحث العلمى هناك بافتتاح فعاليات احتفالية ضخمة بهذا الصدد ووضعت فى مقدمة الموضوعات التى ستتم دراستها فى هذا العام شكل مدن المستقبل لما بعد 2050 (بعد 35 سنة وليس 15 فقط) حيث تؤكد الدراسات أن ثلثى سكان العالم سيقيمون فى المدن والثلث فقط فى الريف ووضعت فى الاعتبار محدودية مساحات الأراضى وارتفاع سعرها وزيادة نسبة التلوث فى المدن الكبري، وبالرغم من أن هناك أفكارا واضحة وقد تم طرحها بالفعل كمدن للمستقبل مثل المدن العمودية وهى مدينة متكاملة تضم وحدات سكنية تكفى لعدد سكان يصل إلى 30 ألف شخص وبها مدارس ومتنزهات وكل ما تضمه أى مدينة صغيرة من احتياجات وكل ذلك فى مبنى واحد ضخم مقاوم للزلازل وتمثل المساحة التى يحتلها هذا المنبى نسبة واحد على 130 من مساحة الأراضى التى تحتلها نفس هـذه المبانى حاليا بشكل أفقي، ليس هذا فحسب بل إن جامعة زيروخ التى ترعى هذا المشروع قامت بعمل روبوت طائر يمكنه التحليق حتى 600 متر وهو يستخدم فى عملية البناء بدلا من الأوناش والسقالات الضخمة وستتم زراعة أسطح تلك المبانى بالخضروات والفاكهة وذلك لتقليل نسبة انبعاث ثانى أوكسيد الكربون وتقليل تلوث الهواء والموضوع قد يصبح قيد التنفيذ حيث تم اختيار بلدة يطلق عليها مويز بفرنسا وهى تبعد عن باريس بحوالى ساعة وذلك لتكون أول مدينة يقام بها نموذج لمدن المستقبل، الغريب رغم تكامل هذا التصور أن ألمانيا قامت خلال هذا العام بإطلاق مسابقة تشارك فيها المدن والأحياء والمراكز بالتعاون مع المواطنين والعلماء لوضع رؤية لما يريدون أن تكون عليه مدنهم فى المستقبل ووضعت مبلغا يقترب من 2 مليون يورو كجائزة لأفضل رؤية يتقدم بها المشاركون مع تخصيص 6 ملايين يورو للأبحاث فى المجالات الأخرى سواء من الجمهور أو الباحثين وذلك خلال هذا العام أما المشاريع البحثية الكبرى فإن وزارة التعليم الألمانية ستوفر لها 150 مليون يورو فى الأعوام المقبلة، هكذا يفكر العالم المتقدم الذى لا ينظر سوى للأمام، العالم الذى لا يلتفت حوله لا لحروب ولا لصراعات تشتعل هنا وهناك ولا لـ 2.5 مليارشخص حول العالم لا يمتلكون صرفا صحيا ومليار شخص لا يجدون مياه شرب نظيفة ولا طبعا لحقوق المرأة المهدرة هنا وهناك ، ترى هل بعد هذا هناك من لا يزال يتساءل لماذا طالبت بالتفكير فى وضع المرأة ووضع استراتيجية لتمكينها حتى عام 2030.

نور الكلمات
«لو أن ما فعلته بالأمس يبدو عظيما فإن هذا يعني أنك لم تفعل شيئا اليوم».
لو هولتز
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف