نصف الدنيا
نوال مصطفى
حديث الرئيس
لا يريد هذا الرجل أن يكون رئيسا تقليديا. والسبب الرئيسى لذلك فى رأيى هو أنه إنسان غير تقليدى. طبيعته الشخصية ضد الجمود والتفكير الأحادى والخطوة الثابتة، الرتيبة. لذلك نجده يفاجئنا دائما بما لم نعتده من قبل مع رؤسائنا السابقين من جمال عبد الناصر حتى محمد مرسى.

حديث الرئيس فى السابعة من يوم السبت الماضى 22-2-2015 صنع أسلوبا جديدا للعلاقة بين الرئيس والشعب، ابتداء من اختيار الجلوس أمام المكتب وليس خلفه. ثم أن الرؤساء عادة ما يخطبون فى شعوبهم واقفين خلف منصة وميكروفون.

الروح التى أرادها الرئيس فى اعتقادى هى أن يشعر كل مواطن أن الرئيس يجلس معه فى غرفة الجلوس ويتحدث إليه هو شخصيا ليخبره بما يريد. وهذا الهدف كان موفقا إلى حد بعيد لولا سوء الإخراج وحركة الكاميرا التى لم تفهم مقصد الرئيس فراحت تركز تارة على كف يده يتحرك، ثم تأخذ كادرا مختلفا كل فقرة. وهذا شتت المشاهد وقلل من تعمقه فى الكلام المهم الذى قاله الرئيس.

بخلاف تلك الملاحظة الشكلية لم أر فى هذا الحديث إلا كل خير. فعلا لا قولا كان حديثا مختلفا فى كل شىء. ودعونى أعدد أوجه الاختلاف والتفرد فى حديث الخمسين دقيقة للرئيس عبد الفتاح السيسى.

أولا: لم يكن للحديث مناسبة قومية أو دينية بل كان حديثا بلا سبب فيما يشبه البوح والمكاشفة التى تلح على الإنسان فيفضى بما لديه لأقرب الناس. ثانيا: تضمن الحديث إجابات لأسئلة تدور فى عقول الكثيرين مثل موقف الدولة من الشباب المعتقلين فى السجون وهم أبرياء من تهم الإرهاب وغيرها، وقضية شيماء الصباغ وضحايا استاد الدفاع الجوى. قال الرئيس جملا مركزة، وافية: ندرس حالات الشباب الموجود فى السجون وسوف يتم الإفراج عن أول دفعة منهم خلال أيام. وبالنسبة لقضية شيماء والدفاع الجوى اتصلت بالنائب العام وقلت له إننى لا أتدخل فى حكم القضاء فرد على ردا حاسما: «محدش حيكون معانا وإحنا بنتحاسب». وقال السيسى: سوف تتخذ الإجراءات الواجبة فور انتهاء النيابة من تحقيقاتها فى القضيتين.

ثالثا: قدم الرئيس كشف حساب السبعة أشهر الماضية منذ تولى حكم البلاد حتى اليوم وكأنه يخاطب جهة أعلى منه، من حقها تقييم أدائه وإنجازاته، من حقها أن تتعرف على كل ما جرى وما يجرى .هذه الجهة التى يخاطبها الرئيس بكل احترام وتقدير هى الشعب المصرى الأصيل.

رابعا : قسم الرئيس حديثه إلى ملفات وموضوعات وتناول القضايا الحساسة فى كل منها بكل بساطة وصدق وتمكن. الضربة الجوية على مواقع داعش بليبيا والتأكيد على أنها تمت بدراسة كرد فعل على اعتداء لا نقبله على أبنائنا المصريين، لكننا أبدا لا نعتدى على أحد ولا نستعمل قوتنا العسكرية إلا لحماية مصر.

خامسا: استعرض الرئيس علاقات مصر بالدول العربية والعالم وأغلق الباب بهذا الحديث أمام مدبرى المكائد والذين يخططون لإفساد علاقتنا بالدول العربية الشقيقة التى وقفت مع مصر فى ثورة 30 يونيو وساندت إرادة شعبها.

كذلك أشار الرئيس إلى نجاح مصر خلال تلك الشهور السبعة فى استعادة عضويتها التى كانت مجمدة فى الاتحاد الإفريقى، ومد الجسور الودية بيننا وبين دول القارة السوداء.

أما فيما يتعلق بعلاقتنا بدول العالم الغربى فقال إننا نبنى علاقات قوية توافقية مع كل دول العالم بما يخدم مصالحنا.

سادسا: وهذا هو الأهم أن الرئيس فتح الباب للحديث القريب، البسيط مع شعبه دون وسطاء سواء من وسائل الإعلام أو البطانة التى تساهم فى معظم الأحيان فى توصيل رسائل مغلوطة من الرئيس إلى الشعب والعكس. والجميل هو إعلان الرئيس عن ذلك الموعد مع الشعب بصفة دورية مرة كل شهر.

ألم أقل لكم إنه رجل استثنائى بكل المقاييس!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف