المساء
محى السمرى
ناس وناس- وزارات للسعادة
أعلنت دولة الإمارات العربية أنها أنشأت وزارة للسعادة.. وهذه الوزارة طبقا لاسمها مهمتها إزالة كل ما يسبب العكننة للجماهير.. وازالة كل ما يعوق البهجة والسرور.. وأن تجعل الإنسان سعيدا.. وبالتأكيد فإن تنفيذ ذلك يلزمه خطة واضحة جادة تعتمد علي الشفافية والصدق في التعامل.. وبمعني آخر فهي ليست وزارة ¢دلع¢ و¢فكاهة¢.
ونحن في مصر ما أحوجنا لمثل هذه الوزارة وان كان واقعنا يشير إلي أن تكون كل وزاراتنا وزارات سعادة.. أي أن تكون تسمية وزاراتنا كالآتي: وزارة السعادة والتربية ووزارة النقل والسعادة ووزارة الإسكان والسعادة.. إلي آخره.. أقول هذا الكلام لأننا بصراحة نعاني الأمرين في التعامل مع الوزارات والهيئات المختلفة.. بل ان معظم جهات التعامل لا تدخر وسعا في وضع العراقيل أمام أصحاب المصالح.. صحيح أن هناك كثيرين يراعون الله في تعاملهم الوظيفي ولكن هناك أيضا من يجعل الكآبة تملأ الوجوه وبالتالي لا تعرف السعادة الطريق إليهم.
والسعادة التي أقصدها هي انجاز المصالح بدون عراقيل متعمدة وبدون تسويف وبدون اللف علي ¢طوب الأرض¢ للحصول علي توقيعات مختلفة.. سواء كانت مطلوبة أو غير مطلوبة.
والحقيقة كيف تكون وزارة مثل وزارة الاستثمار ولا يستطيع المستثمر أن ينجز مصالحه من خلال شباك واحد.. أو بدون إجراءات معقدة.. وهل يمكن أن يكون سعيدا مع ما يتعرض له من روتين سخيف؟ وكيف تعطي وزارة النقل السعادة وكل يوم يحدث حادث أليم في الطرق.. نتيجة حالتها السيئة أو رعونة السائقين أو عدم اعداد الطرق جيدا للسير أو أو.. وكذلك حوادث القطارات التي تكاد تصبح ظاهرة.. وسببها دائما هو الاهمال أو عدم التدريب والسبب الأهم هو عدم الصيانة والنظافة.. واتذكر انني ركبت قطار الصعيد في الدرجة الأولي الفاخرة.. وللأسف وجدت الفئران تمرح في العربة.. بصورة مزعجة.. والأكثر اسفا عدم وجود دورة مياه نظيفة بأي صورة من النظافة.. وكانت المرة الأخيرة التي استخدمت فيها القطار.
ووزارة الصحة.. كيف تعطي السعادة للمواطنين الذين يدخلون المستشفيات فلا يجدوا فيها رعاية ولا نظافة بل ولا علاجا.. وعلي مدي سنوات طويلة يتردد أن مظلة التأمين الصحي ستظلل الجميع.. ولكن مجرد كلام.. وصدق من قال إن الداخل للمستشفي الأميري مفقود والخارج منه مولود.
والجامعات التي يتخرج فيها سنويا آلاف مؤلفة معظمهم إن لم يكن كلهم لا يجدون عملا مناسبا لمؤهلهم.. وفي كثير من الأحيان لا يجدون عملا في الأصل.. وطبيعي أن يكونوا هم في واد والبلد كلها في واد آخر لأن التعليم لم يساير متطلبات الوطن في الوظائف والعمل المهني.. وطبعا أين السعادة إذن في الجهات المسئولة عنهم وهم لا يستطيعون الزواج ولا يستطيعون تكوين أسرة.. وإذا وجدوا العمل فمن أين لهم الحصول علي السكن المعقول الذي كانت الأسر المتوسطة تجده في الخمسينيات والستينيات!! أين هذه المساكن ووزارة الاسكان والتعمير مشغولة ببيع الأراضي بالمزاد العلني لتحقق أكبر موارد مالية لتدخل السعادة للدولة.. في حين انه يمكنها مضاعفة هذه الموارد بشيء من الفكر القائم علي ادخال السعادة مثلا للشباب ولدينا مساحات شاسعة جدا من الأراضي الصحراوية الخلاء التي تصلح لتكوين مجتمعات عمرانية سعيدة.. بدون ان تتكلف الدولة شيئا بل تحقق نوعا من الإيرادات.. ثم كيف نعطي السعادة.. والناس كلهم أو معظمهم يسألون عن الوساطات لإنهاء مصلحة ما.. وقد تكون مصلحة قانونية وصاحب الحق له الحق فيها ولكن لأنه يعلم بأن هناك من يعترض لأمر ما.. فهو يسأل عن الوساطة.
الحقيقة أن هناك مئات الأمثلة علي ذلك.. والغريب أن كل هذه الوقائع ليست وليدة حديثا ولكنها عميقة في القدم.
والحقيقة أيضا أن هناك جهودا كبيرة تقوم بها الدولة لايجاد حلول لمشاكلنا ووضع أساس للتعامل بين المصالح والجماهير.. وهناك ايضا ايدي تبني ونرجو أن تزيد عدد هذه الأيادي ولا تمتد غيرها إلي الهدم.. ونرجو مرة ثالثة أن تصل الحلول إلي الكل وان تجد طريقها للتنفيذ.
نريد فعلا وزارات سعيدة تزرع البهجة في نفوس الناس ولا نريد كسالي ولا مهزوزين نريد ناس تعمل وتتقن عملها ولا تتفنن في العراقيل وعكننة الجماهير.
وبالمناسبة سألني أحد القراء: بالذمة أيهما أفضل أيام الملكية أو الآن؟ قلت بصراحة الآن أفضل من عدة وجوه وأول هذه الوجوه هي العمل الجاد والمتواصل الذي يتوافق مع ما يقوم به رئيس الدولة ويدعو له في كل مناسبة.
أما عن الناحية الاقتصادية فإنها اختلفت كلية مع ثورة 23 يوليو عندما تحولت البلاد إلي النظام الاشتراكي ولكن بدون دراسة لطبيعة المجتمع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف