الوفد
حازم هاشم
مكلمخانة -الماضى يسرق الحاضر والمستقبل!
كم تمنيت أن يحل على مصر عهد من العهود لا يذكر لنا أنه معنى ومشغول بإزالة مخلفات الماضى أى العهد الذى سبق!، فالعهود نراها تتوالى على الدول والشعوب لتأخذ فى رسم رحلاتها فى الحاضر والمستقبل، دون أن تتعلل هذه العهود المتوالية على غيرنا بأن العهد الذى سبق هو الذى يعرقل ركامه حاضرها لتنكفئ عليه مشدودة لعلاج ما فسد فى الماضى، ودونما إمكانية لإحراز تقدم نحو المستقبل!، ويذكر لنا دائماً ـ خاصة عند وقوع الكوارث والمحن ـ أن «الميراث ثقيل والتركة التى آلت إلينا ينوء بها كاهلنا»!، ثم يتعلل آخرون بأن ضمن التركة الموروثة المثقلة خزانة خاوية فكيف يكون إصلاح المعوج طالما أن تكلفة الإصلاح لا تتيسر لنا ولابد من تحملها عن طريق الاقتراض أو الهبات والمعونات التى نفضل دائماً ألا ترد!، وقد كان لنا فى عهد قديم «شماعة» نعلق عليها أخطاء الحاضر واسمها «الاستعمار» الذى تخلصنا منه لكنه مازال يطاردنا ويفشل جميع مساعينا ومحاولاتنا للتغيير ثم التقدم!، حتى أن من النكات التى كان يطلقها الناس فى العهد الثورى بعد سقوط النظام الحالى أن علينا دائماً التفتيش عن الاستعمار فهو وراء كل مفسدة حتى الإفساد بين أى زوجين!، حتى أصبح الاستعمار الذى ودعناه فى ذمة التاريخ بعد أن تخلى كل المستعمرين التقليديين عن الاستعمار «القديم» فلا حاجة لأساطيل أو جيوش نظامية تخرج فى غزوات استعمارية على النسق الذى اعتدناه فى الاستعمار التقليدى، ومع ذلك فإننا بادرنا الى ترويج ما يسمى «الاستعمار الاقتصادى» الذى يهزمنا دائماً بالتضييق علينا اقتصادياً لأننا مددنا أيدينا الى «أصدقاء» المعسكر الاشتراكى!، حتى حل علينا عهد رأى أن التقدم نحو أمريكا التى تملك كل أوراق اللعبة السياسية أجدى لنا وأفضل حتى يمكننا أن تساعدنا أمريكا فى التخلص من استعمار إسرائيل للأراضى العربية وضمنها الأراضى المصرية!، وارتبطنا ارتباطاً «سُرياً» بأمريكا حتى استطاعت إسقاط المنظومة الاشتراكية بادئة بالاتحاد السوفييتى الذى لم يكن لنا بعده صديق!، وحل عهد جديد ازداد التصاقاً بالولايات المتحدة والغرب عموماً حتى أصبحنا نهمل كل تراثنا السياسى حتى فى الدول التى أسهمنا فى تحريرها من الاستعمار التقليدى، ففقدنا علاقات مع قارات بأكملها دون أن نهتم بمصالحنا التى لحقت بها أضرار كثيرة، ومازلنا نعانى من آثار ذلك، ويحاول العهد الجديد الحالى بعد إسقاط النظام فى 25 يناير 2011 أن يستعيد علاقات مصر مع الآخرين.
لكن نظامنا الحالى يواجه مصاعب عاتية تحول دون استقرار هذا الاتجاهات السياسية التى تعتبر حاجة أصيلة لمصر فى توجهها الجديد، وهذه المصاعب تتمثل فى أن هناك جيوباً من مخلفات العهود القديمة تقف للتحرك نحو التغيير بالمرصاد!، فتشد عربة الوطن الى الخلف قدر إمكانها، ولتبرهن على أن النظام الجديد لن يستطيع إقامة علاقات متوازنة مع العالم!، ولابد له من أن يرتبط بتحالفات وثيقة مع أمريكا والغرب عموماً!، والبعد عن الروس كلما أمكننا ذلك، وإهمال القضية الفلسطينية بعد أن اتضح لنا أن لنا أعداء فى عناصر المقاومة الفلسطينية، ثم بعد ذلك وقبل كل شىء الانشغال التام بإصلاح الخلل الداخلى، فننظر تحت أقدامنا فقط!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف