الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية -تركيا وإثيوبيا.. والطريق واحد
اسلوب اثيوبيا معنا الآن، هو نفس الاسلوب الذي سارت عليه تركيا تجاه مشاكل مياه الأنهار!! اثيوبيا تتحكم الآن عملياً في مياه النيل الأزرق أكبر الروافد الأساسية، التي تغذي مصر بالمياه.. تماما كما تتحكم تركيا في مياه أكبر نهرين ينبعان من داخل تركيا وتعتمد عليهما سوريا والعراق.. وهما نهراً دجلة والفرات.. فهل هناك قنوات تصل وتعمل بين تركيا واثيوبيا؟!
تركيا سبقت غيرها في مشاكل الأنهار متعددة الدول التي تمر عليها هذه الأنهار.. ذلك أن تركيا توحدت استراتيجيتها علي مشروع الغاب عام 1992 لانشاء 22 سداً أكبرها سد أتاتورك.. إذ ادعت تركيا انها تريد تعمير وتنمية منطقة جنوب وشرق تركيا.. بالاعتماد علي مياه نهري دجلة والفرات وكان سليمان ديميريل رئيساً لتركيا أيامها.. وقال صراحة إن مياه النهرين مياه تركية.. ولا يجوز أو يحق لأحد مشاركة تركيا في هذه المياه..
<< وبمجرد أن بدأت تركيا بناء سد أتاتورك «واسم أتاتورك يعني أبو الأتراك» بدأت عملية حجز المياه كبداية لتعبئة السد.. ولم تتوقف تركيا أمام صرخات سوريا والعراق.. بسبب تعبئة منطقة هذا الخزان. ومنعت تركيا ذهاب مياه النهرين من منابعهما داخل الأراضي التركية. وأقسم إنني رأيت ـ وأنا أقف أعلي جسر الجمهورية في العاصمة العراقية بغداد ـ قاع النهر بسبب انخفاض منسوبه.. وعجزت العراق ـ أيامها ـ ولعدة سنوات ـ عن زراعة مساحات كبيرة من الأراضي التي نعرف باسم: الهلال الخصيب.. وهي من أكبر حقول القمح في غرب آسيا.. وكذلك تأثرت مساحات كبيرة ـشمال شرق سوريا بسبب تعنت تركيا بخصوص هذه المياه..
<< الآن تتكرر نفس المأساة. إذ تنفذ تركيا الآن بناء سد أورفة الذي يستهدف حبس مياه نهري دجلة والفرات.. وهي عملية تستمر لمدة 600 يوم ضرورية ـ من وجهة نظرهم ـ للتخزين.. وهذا يعني أن تتصحر أرض الهلال الخصيب بسبب ذلك الهوس التركي تجاه المياه.. وبالمناسبة قد نكون نسينا أن حضارة الهلال الخصيب بدأت ونشأت علي مياه النهرين، في العراق.. وليس غريباً أن هذه الحضارة ـ في بلاد ما بين النهرين «العراق» نافست الحضارة الفرعونية في وادي النيل.. فهل تخطط تركيا ـ العثمانية ـ لضرب العراق الآن حتي تستعيد سلطتها علي العراق ولذلك كانت تعمل علي الوصول بقواتها العسكرية إلي منطقة الموصل ـ ومازال حلم أنقرة السيطرة علي الموصل قائماً ـ ولا ننسي هنا أيضاً أحلام تركيا في سوريا ومنذ قديم الزمان ولن ننسي كيف استولت تركيا علي اقليم الاسكندرونة السوري عام 1938.. وحلمها بالتدخل العسكري في شمال سوريا!!
<< نقول ذلك ونحن نعلم أن نهر الفرات ـ وحده ـ يعطي 29 مليار متر مكعب من المياه لا يستغل منها إلا ملياران فقط.. وان مشروعات تركيا بالذات سد أورفة ستؤدي إلي حبس مياه النهرين عن سوريا والعراق.. وسوف تؤدي هذه المشروعات إلي توقف أو علي الأقل انخفاض انتاج محطات الكهرباء المائية المقامة علي السدود العراقية والسورية من الكهرباء.. وهو نفس ما تنفذه، أو تخطط له، اثيوبيا.. وربما لنفس الهدف. أي تجد سوريا والعراق نفسيهما مدفوعتين لاستيراد الكهرباء من تركيا.. ومن محطاتها المقامة في سد أتاتورك وسد أورفة وغيرهما من السدود التي تنفذها تركيا هناك.. وهو نفس المخطط الاثيوبي الذي يستهدف إجبارنا علي استيراد الكهرباء منها.. ومن سد النهضة وسد تاكيزي.. الأول علي نهر النيل الأزرق ـ قرب الحدود مع السودان ـ والثاني علي نهر عطبرة..
أي أن المخطط واحد.. والهدف واحد!!
<< وإذا كانت السدود التركية ستؤدي إلي انخفاض انتاج الكهرباء من السدود العراقية والسورية.. فإن السدود الإثيوبية ستلعب نفس اللعبة، ليس علي مصر فقط بفعل خفض انتاجنا من الكهرباء من السد العالي ومن محطتي أسوان المائيتين.. بل أيضاً علي خفض انتاج السودان من الكهرباء المائية وأبرزها سد الروصيرص وربما يمتد الهدف الإثيوبي الي سدود سودانية أخري منها كبجبار والزيك ودال.. وهي محطات أو سدود هدفها انتاج الكهرباء..
ألم نقل لكم إن أطماع اثيوبيا تتفق مع أطماع تركيا.. وهما تلعبان الآن في أعالي الأنهار التي تنبع سواء من الهضبة الاثيوبية أو من جنوب شرق تركيا، في الأناضول!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف