عندما أخلو بنفسي أتذكر لعنة المنصب والكرسي التي حلت علي الكثيرين من الشخصيات. فقد كنت أجالس أحد الوزراء أيام كان وزيراً في لقاء عام ونظر حوله ثم قال لي: يا تري هؤلاء يحاولون البحث عن دور في المجتمع والحياة بعد ما عانوا من مرارة المنصب وتم التنكيل بهم.
صحيح هناك من يحاول الالتصاق بالمنصب أي منصب ويدخل دائرة الضوء أي ضوء علي أي مستوي. قال لي هذا الوزير السابق الآن ان أكثر شيء يؤلمه انه عند خروجه من الوزارة سوف يتوقف تليفونه عن الرنين ولن يسأل عليه أحد إلا المقربون والأصدقاء الذين لا شك انه فقد العديد منهم في منصبه لأنه لم يكن يجامل فالمنصب أفقده من يمكن أن يسأل عليه. أما من كان يبني علاقته علي منصبه فلن يفيده بعد اليوم وقال لي إنها تجربة مريرة عاشها من قبل مع معارفه ورآها بأم عينيه.
فالمنصب ضرر لا شك أثناء توليه لأنه خطر ويغير الناس فالكرسي له قوة السحر علي البشر فكم من الناس بعد توليهم المنصب تغيروا ونسوا الماضي ونسوا الأصدقاء وتحولوا إلي خدام للكرسي للاحتفاظ به. ثم بعد ترك المنصب تنساك الأضواء وينساك أصحاب المباخر والمصالح والمحيطون بك من كذابي الزفة.
هذا يصيبك يا صاحب المنصب بألم نفسي عندما تجد نفسك وقد انفض المولد من حولك وانطفأت الأضواء واختفي الفرح وفرغت الكراسي. يا له من احساس ندعو الله ألا نراه لكن بالحب والاحترام وخدمة الناس والتجارة مع الله هي الحامي الوحيد.
لقد تذكرت قصة أخري لها معني كبير فقد كان شخصاً يشغل منصباً وكان يتسلم مرتبه "فلوس جديدة" وعندما ترك المنصب ذهب يتسلم مرتبه فوجده "فلوس عادية" ليست جديدة وغير سليمة فغضب وأحس احساساً أصابه بنكد بالغ. لهذا عندما توليت منصباً طلبت أن أتسلم مرتبي "فلوس عادية" حتي لا أحس بفارق بعد تركي المنصب.
أيها السادة إني أسوق لكم هذه القصص الواقعية لأثبت نظرية إن المنصب مفسدة والتضحية عليه خسارة لكل الأطراف والوصول اليه خطورة بالغة.